أوضح المصدر، في تصريح ل”الخبر”، أن قانون الإجراءات المدنية والإدارية، الذي دخل حيز التنفيذ في سنة 2009، نص على إجراءات مشددة للغاية في الجانب الشكلي للقضايا المرفوعة لدى المحكمة العليا التي تعتبر أعلى مؤسسة قضائية يطعن لديها في السلك القضائي، بعد استيفاء إجراءات التقاضي على مستوى المحاكم الابتدائية والمجالس القضائية. وأضاف المصدر أن عدد قضايا الطعن التي رفضتها المحكمة العليا من حيث الشكل يناهز 20 ألفا منذ سنة 2009، وهو يتعلق أساسا بالقضايا المدنية والاجتماعية والعقارية والتجارية وشؤون الأسرة. ما يعني أنه يستثني القضايا الجنائية وقضايا الجنح والقضايا الإدارية التي يتطلب الفصل فيها إجراءات مغايرة. ويعتبر هذا العدد من القضايا المرفوضة شكلا مهولا من حيث الحجم، قياسا إلى الضرر الذي يكون قد لحق بآلاف المواطنين الذين تمثل لهم المحكمة العليا آخر حصن قضائي يمكن اللجوء إليه لاسترجاع حقوقهم. كما يتزامن ظهور هذا العدد مع دعوات كثيرة بات يطلقها مسؤولو قطاع العدالة، آخرهم وزير العدل حافظ الأختام، الطيب لوح، حول ضرورة إعادة النظر في إجراءات التقاضي أمام المحكمة العليا، نظرا لتراكم آلاف القضايا على مستواها. فهل قامت المحكمة العليا بالتحجج شكلا في رفض هذه القضايا المودعة أمامها للتخلص من العبء الثقيل الملقى على عاتقها؟ يوضح المحامي والبرلماني، عمر خبابة، أن الضرر المترتب عن رفض الطعن أمام المحكمة العليا شكلا بالغ جدا، لأن هذا القرار لا رجعة فيه ولا يجوز الطعن فيه. ويعني رفض الطعن شكلا، وفق المحامي، أن المحكمة العليا تقوم برفض القضية أو ردها، بسبب إغفالات أو أخطاء شكلية يقوم بها محامي المتقاضي. ويضرب خبابة أمثلة على ذلك، مثل نسيان العريضة المتعلقة بالحكم، أو الإتيان بصورة للحكم بدل نسخته الأصلية، أو عدم إبلاغ الخصم بصورة عن عريضة الطعن بالنقض بواسطة محضر قضائي، وهي كلها، حسبه، أخطاء بشرية واردة الحدوث من المحامي، ويشير خبابة إلى أن المادتين 565 و566 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية، توضحان ما يترتب عن هذه الإغفالات والأخطاء. لكن ذلك لا يبرر رفض هذه القضايا وفق خبابة، لأن المحكمة العليا يوجد بها مستشارون مقررون، يعينهم رئيس الغرفة، يقومون باستلام القضايا ومراجعتها من حيث الشكل، كما يحق لهؤلاء الطلب من المحامي استيفاء ملفه بكافة الوثائق. ويلفت خبابة إلى أن “رفض المحكمة العليا هذا الكم الهائل من القضايا شكلا يسيء إلى هذه الهيئة القضائية عند المواطن ويفقده الثقة فيها”. وكان وزير العدل، الطيب لوح، قد وعد، في آخر ندوة صحفية عقدها بمجلس قضاء الجزائر، قبل أسبوعين، بحلول جديدة لمعالجة كثرة القضايا المطروحة على المحكمة العليا. وقال إن تراكم القضايا بلغ 257 ألف قضية على المستوى الجزائي، ويجري التفكير حاليا لحل هذا الإشكال العميق”.