لم تشهد منطقة القبائل اختطاف أي أجنبي قبل خطف الرعية الفرنسي هيرفيه غورديل، بينما رصد اختطاف حوالي 80 مواطنا، محليا، بالمنطقة، منذ 2005، وأغلب الاختطافات كانت بغرض الحصول على الأموال، خاصة تلك التي طالت رجال أعمال ومقاولين وأقرباءهم، وكان ينفذها إما عناصر تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وإما عصابات وقطاع طرق، كما أن أغلب من يتم اختطافهم يفرج عنهم لاحقا، بينما عدد قليل من الضحايا قتل وكان آخرهم شاب يبلغ من العمر 19 سنة، عثر عليه مقتولا بعد أسبوع من خطفه في أكتوبر 2012، وتمكنت قوات الأمن من القبض على الجناة، وحكم عليهم بالإعدام شهر نوفمبر 2013. لكن، هذه المرة، تواجه الجزائر عملية اختطاف من نوع آخر، وعلى يد فصيل آخر، لم يسبق أن تعاملت قوات مكافحة الإرهاب أو الجيش معه، ويتعلق الأمر بفصيل يتبع تنظيما إقليميا جديدا “الدولة الإسلامية”، له أسلوب ونمط خاص في التعامل مع الرهائن وحكوماتهم، وقد رفع مطلبا محددا، يبدو تعجيزيا، في وقت يبدو صعبا الإلمام بهوية هذه المجموعة، رغم معرفة قوات الأمن برأسها (عبد المالك قوري) الذي انشق عن “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” ليبايع “داعش” قبل أسابيع قليلة. لكن، صحيفة “لو فيغارو” الفرنسية قالت، أمس، إن هذه المجموعة يحتمل جدا أن تكون تلك التي “تبنت العملية التي شنها المغترب محمد مراح، والتي قتل فيها سبعة فرنسيين، بتولوز الفرنسية، في مارس 2012. وتطرح تساؤلات بشأن مصير الرهينة، في ظل رفض باريس الاستجابة لمطلب خاطفيه، في وقت تواصل قوات الأمن عمليات تمشيط واسعة النطاق عبر سلسلة جبلية وعرة، تبدأ بجبال “لالا خديجة”، وهي أعلى قمة بجبال تيزي وزو، وتمتد إلى جبال البويرة، وقد اختطف منها الرعية، ومعروف عنها أنها خطرة، وأن وحدات الجيش عند مرورها بالمنطقة تتوخى أقصى درجات الحذر. وتردد، أمس، أن مصالح الأمن أوقفت رفاق الرهينة الثلاثة، الذين أفرج عنهم، بعد اختطافهم معه، وشرعت في التحقيق معهم بشأن ظروف عملية الاختطاف، لكن المعلومة لم تذع عبر القنوات الرسمية. وأثارت عملية الاختطاف ردودا حزبية مختلفة، حيث أفاد فاروق أبو سراج الذهب، عن “حركة مجتمع السلم”، في تصريح له، أمس، “نحن في خطر باختطاف الرعية الفرنسي بين تيزي وزو والبويرة في طريق تيكجدة، من طرف راية جديدة للعمل المسلح في الجزائر، تأسست مباشرة بعد توسيع دائرة “داعش” في العراق وسوريا”. وأوضح المتحدث أنه “مباشرة بعد إعلان التحالف الدولي من 40 دولة لمحاربة هذا المارد الجديد، قلنا إن أي دولة ترفض الدخول في هذا التحالف الذي تقوده أمريكا سيعلن فيها عن تأسيس “داعش” وتمارس فيها بعض العمليات، لإجبار تلك الدولة على الانضمام قسرا إلى التحالف”، على أن “الجزائر واحدة من تلك الدول الحذرة من المشاركة في مثل هكذا تحالفات لاعتبارات كثيرة، منها ما هو تقليد للدبلوماسية الجزائرية ومنها ما هو خوف من التورط في قضايا لا تعرف الجزائر مراميها وأهدافها”. ودعت “حمس” إلى “التعجيل بفتح حوار مجتمعي واسع لا يستثني أحدا، لأن المخاطر السياسية والاقتصادية والإقليمية أكبر من السلطة الحالية التي فشلت في ضمان الحد السياسي الأدنى المضمون، وعجزت عن تجميع الجزائريين حول توافق وطني حقيقي يجنب البلاد المخاطر الإقليمية”. وأدان رئيس “جبهة التغيير”، عبد المجيد مناصرة، حادثة الاختطاف التي تعرض لها الرعية الفرنسي ببلدية أقبيل. وقال: “ندين هذا الاختطاف وكل الأعمال التي تدخل في خانة الإرهاب زمانا ومكانا، ولا نريد أن تتحول الجزائر إلى أرض للإرهاب الدولي”، داعيا الجميع إلى “تحمل مسؤوليته”، بينما دعا “حزب الكرامة”، في بيان له، إلى “التجند لمحاربة الاختطاف”، معتبرا أن “الخلايا النائمة للإرهاب مازالت موجودة”.