هل تعتبر حادثة اختطاف رعية فرنسي في الجزائر من قبل ما يسمى ب “جند الخلافة”، إحدى تداعيات حرب الحلفاء الذي تقوده واشنطن ضد تنظيم “داعش” في سورياوالعراق؟ أم هي محاولة لجر الجزائر للمشاركة في التحالف الدولي وإخراج الجيش للقتال خارج الحدود ؟ سجلت وسائل الإعلام الأجنبية، وخصوصا الفرنسية، أن ضربات التحالف الدولي ضد تنظيم “داعش” التي انطلقت في سوريا ما بين ليلة الإثنين إلى الثلاثاء، حدثت تداعياتها في الجزائر بعد ساعات فقط منها، بحيث أعلن تنظيم “جند الخلافة”، الذي جهر منذ أيام بولائه لتنظيم أبو بكر البغدادي، عن اختطاف رعية فرنسي بالجزائر (تيزي وزو)، مطالبا باريس بوقف قصفها الجوي في العراق، وحدد لها مهلة 24 ساعة قبل إعدام الرهينة هرفي غورديل البالغ من العمر 55 سنة، حسب بيان لوزارة الداخلية الجزائرية. وحتى وإن وقعت الحادثة في الجزائر، غير أنه كان بالإمكان أن تحدث في أي دولة أخرى، بالنظر إلى أن تنظيم “داعش” كان، منذ عدة أيام، قد توعد واشنطنوباريس على وجه الخصوص، بقتل واختطاف وملاحقة رعاياهما حيثما وجدوا، وأوصى عناصره بوضع هذه التهديدات موضع التنفيذ. ولكن لا يعني تمكن تنظيم “جند الخلافة” من اختطاف رعية فرنسي بتيكجدة بولاية تيزي وزو أن هذا التنظيم، الذي أعلن ولاءه ل”داعش”، يعكس قوة وقدرة هذا الأخير على إلحاق الضرر وتحقيق رد الفعل السريع، بقدر ما يعني أن الرعية الفرنسي كان في المكان غير المناسب في الوقت غير المناسب، بحيث تعتبر المنطقة التي اختطف منها غير مؤمنة بالشكل المطلوب وأحد معابر عناصر التنظيم الإرهابي، سواء القاعدة في بلاد المغرب أو “جند الخلافة”، التنظيم المنشق الجديد الذي يريد النفخ في الرماد لإعادة بعث العمل الإرهابي في الجزائر بطبعة “داعش”، بعد أفوله بنُسخ “الجيا” والدعوة والقتال والقاعدة. وضمن هذا السياق، وإن نجح “جند الخلافة” في تحقيق صدى إعلامي دولي، من وراء اختطافه رعية فرنسي وقع في الأسر نتيجة سوء تقدير حجم المخاطر الأمنية، بحيث ينظر إلى هذه العملية على أنها تحد من التنظيم ضد قوات التحالف الدولي الذي تقوده الولاياتالمتحدةالأمريكية ضد معاقل “داعش” في العراقوسوريا، وأيضا تحد ضد السلطات الجزائرية، خصوصا أن الاختطاف جاء غداة الإعلان عن اجتماع المجلس الأعلى للأمن برئاسة الرئيس بوتفليقة لتقييم الأخطاء الأمنية المحيطة واتخاذ التدابير لمواجهتها. لكن مع ذلك، فإنه من المستبعد أن يشكل ذلك مصدر ضغط على التوجهات السياسية والأمنية للجزائر التي أعلنت رفضها لكل تدخل عسكري في ليبيا، وتمسكها بعدم خروج أي جندي من جيشها خارج الحدود، لا في إطار تحالف دولي ولا في سياق انفرادي. ورغم أن حادثة الاختطاف للرعية الفرنسي من شأنها الإضرار بصورة الجزائر في الخارج وتعطي الانطباع بأنه بلد غير مستقر أمنيا، وما لذلك من تأثير مباشر على دوائر المال والأعمال والاستثمار الراغبة في إقامة مشاريعها في الجزائر، وهي الفاتورة التي ظلت تدفعها بسبب أخطاء التدخلات العسكرية للآخرين في الشؤون الداخلية للدول، غير أن ذلك، مثلما كان عليه الحال عقب الاعتداء الإرهابي متعدد الجنسيات على منشأة الغاز بتيڤنتورين، ليس بمقدوره التشويش أو تغيير بوصلة اتجاه الجزائر، وهو ما جاء في بيان لوزارة الخارجية بأن الجزائر عازمة على مواصلة محاربة الإرهاب بدون هوادة.