قال مصدر مسؤول من غرداية إن قرار إعلان حالة طوارئ جزئية في ولاية غرداية، أو في أجزاء منها، موجود على مكتب رئيس الجمهورية، وأشار المصدر ذاته إلى أن توقيع مثل هذا القرار مرهون بالتطورات الميدانية في المدينة التي تشهد منذ ما يقرب 11 شهرا أعمال عنف طائفية متقطعة، أسفرت عن تهجير ما لا يقل عن 1000 أسرة في بلديات بريان وغرداية. لم يبق أمام السلطة سوى حل وحيد في مواجهة أعمال العنف الطائفية في غرداية، وهو إعلان جزئي لحالة طوارئ يسمح للجيش بالتدخل مباشرة وفرض حظر للتجوال وتنفيذ عمليات تفتيش واسعة للأحياء الساخنة بيتا بيتا. ورغم أن أعمال العنف هدأت منذ 10 أيام تقريبا، إلا أن بذورها مازالت قائمة وقد تشتعل في أي لحظة، حسب أعضاء في لجان الأحياء العرب والميزابيين. فمن جهة لم يلتحق أكثر من 2000 تلميذ بمقاعد الدراسة منذ تجدد العنف، ومن جهة ثانية تواجه عمليات تركيب نظام المراقبة بالكاميرات برفض ومحاولات تخريب في العديد من النقاط، والسبب يبقى مجهولا. وتقيم أكثر من 1000 أسرة في مراكز إيواء أو لدى الأقارب بسبب تخريب وحرق بيوتها، ويرفض ممثلو طرفي النزاع الجلوس وجها لوجه للتحاور، حيث التقى قائد الناحية العسكرية الرابعة اللواء شريف عبد الرزاق مؤخرا بممثلين عن الطرفين في لقاءات منفردة، وفوق هذا تسيطر حالة من الخوف في بعض الأحياء بسبب غياب الأمن. يحتاج التدخل المباشر لوحدات عسكرية في غرداية في المواجهات الطائفية التي هدأت نسبيا منذ تكليف وزارة الدفاع بالإشراف على تسيير عمليات التدخل لفرض الأمن والنظام في غرداية، إلى إعلان حالة الطوارئ جزئيا من رئيس الجمهورية، وقال مصدر أمني إن قوات من الجيش، منها كتائب شرطة عسكرية جاهزة للانتشار في غرداية وفقا لمخطط تم إعداده سلفا، وأن الأمر يحتاج فقط لقرار سياسي على اعتبار أن إلغاء حالة الطوارئ في الجزائر يمنع الجيش من الانتشار لفرض النظام. وقال مصدر عليم إن الرئيس بوتفليقة ناقش موضوع إعلان حالة الطوارئ جزئيا مع الفريق أول أحمد ڤايد صالح أثناء انفلات الأوضاع في المدينة بعد إضراب الشرطة. لكن الوضع رغم صعوبته، حسب مصدرنا، لا يتطلب إلى الآن تدخل قوات عسكرية بشكل مباشر لفض المصادمات، لأن وحدات التدخل في الدرك الوطني والشرطة تتوفر على احتياطي كبير من القوات التي يمكن نقلها إلى المدينة. وتكمن المشكلة في غرداية، حسب مصادرنا، في التعليمات التي تتعامل على أساسها قوات فرض النظام مع مجموعات الملثمين، وقد يحل إعلان حالة الطوارئ جزئيا في غرداية المشكلة، لأنه يتيح للقائد الميداني فرض حظر للتجوال عند اقتضاء الضرورة وتنفيذ عمليات حجز إداري مؤقت للمتورطين أو المشتبه فيهم، وهو ما لا تتيحه القوانين الحالية، وغالبا ما اشتكى قادة وحدات التدخل من عودة المشاركين في العنف إلى الشوارع بعد الإفراج عنهم، إما بسبب وساطة الوجهاء والأعيان، وأحيانا كبار المنتخبين، أو بعد صدور أحكام براءة من العدالة أو قرارات إفراج من النيابة، بالإضافة إلى تنفيذ عمليات أمنية واسعة النطاق لتفتيش أحياء بكاملها. وقد سبق تنفيذ هذه التكتيكات بنجاح أثناء التصدي لمصادمات أقل حدة وقعت قبل 29 سنة في عام 1985 بغرداية، ويتيح تكليف الجنرال شريف عبد الرزاق قائد الناحية العسكرية الرابعة بالإشراف على تسيير عمليات التدخل لفرض النظام في غرداية نقل مباشر لتقارير حول الوضع الأمني الميداني، وهو ما يسمح في النهاية باتخاذ القرار السليم. وفي سياق متصل، أحالت غرفة الاتهام لدى مجلس قضاء غرداية 42 متهما بالمشاركة في أعمال العنف والحرق والتخريب إلى محكمة الجنايات. في السياق ذاته، وافقت وزارة العدل على نقل محاكمة عدد من المتهمين بالمشاركة في أعمال العنف في غرداية إلى محاكم جنائية بعيدة من أجل إبعاد الإثارة عن المدينة. وكانت مديرية السجون قد نقلت عددا كبيرا من المتهمين بالمشاركة في أعمال العنف في غرداية إلى سجون بعيدة عن الولاية للفصل بين المتهمين من طرفي النزاع.