أفاد أبو جرة سلطاني، الرئيس السابق لحركة مجتمع السلم، بأن التشكيك في مبادرة جبهة القوى الاشتراكية بمبرر أنها صفقة مع النظام، هو “محاكمة للنوايا عانت منه الجزائر”. وأوضح أن “الإجماع الوطني” و”الانتقال الديمقراطي”، مبادرتان متفقتان في الجوهر، وما يُفرق أصحابها هو جو الثقة المهزوز بينهم فقط. رفض أبو جرة سلطاني، الذي يستعد للقاء الأفافاس، هذا الأسبوع، الإشارات الواردة في بيان أخير لتنسيقية الانتقال الديمقراطي، اتهم النظام بالوقوف وراء مبادرة الإجماع الوطني للتغطية على فشل مشروع الدستور التوافقي. وأوضح سلطاني في تصريح ل”الخبر”، قائلا: “عانينا كثيرا من محاكمات النيات في الجزائر، وندعو اليوم إلى الحكم على الإمكانيات وما هو موجود على السطح حتى يتبين العكس”. وأبرز سلطاني أن “رصيد الثقة مهتز بين السلطة والمعارضة، وبين المعارضة بعضها لبعض”، مشيرا إلى أن المبادرات المطروحة، على غرار “الإجماع الوطني” و”الانتقال الديمقراطي”، قد تختلف في الشكل لكنها تتفق في الجوهر الداعي إلى التغيير السلمي للنظام بمشاركة الجميع. وأضاف سلطاني أن “الحكم على النيات يفقد الثقة بين المعارضة”. وأشار سلطاني إلى أن ما يطرحه الأفافاس حاليا هو “حديث عن مبادرة مفتوحة على الجميع”، لافتا إلى أن “الحزب حاليا يريد أن يستجمع أفكارا من الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، لكي يكون مبادرة يكون فيها جهة مسهلة وجامعة”. لكن السؤال الذي يطرحه سلطاني يكمن في “مدى تجاوب السلطة مع الأفافاس بعد أن تكتمل مبادرته؟”. ولاحظ سلطاني أن للسلطة “ميولا تحفيزية لمبادرة الأفافاس، وفي ذلك رسالة للخارج أكثر منها للداخل”. كيف ذلك؟ يجيب سلطاني قائلا: “إن الرصيد الذي صنعه حسين آيت أحمد خلال 50 سنة مضت، يتجاوز البعد الإقليمي إلى العالمية، وتستطيع كلمة “أفافاس” تحقيق الصدى المطلوب، في سعي السلطة لمواجهة التحديات الخارجية، بعد أن أصبحت الجبهات الداخلية مقدورا عليها”. وبشأن مبادرة الانتقال الديمقراطي، قال سلطاني إن “الأرضية السياسية التي تطرحها قد تمت بلورتها من ناحية المنطلقات والأهداف والوسائل”. ويبقى الإشكال الوحيد الذي تعاني منه، حسبه، هو في “كيفية حشد المؤيدين لها، وهذا يتطلب انفتاحها على الرأي العام، وإقناعه بأنها مبادرة ليست حزبية ومفتوحة للجميع”. وبخصوص دعوة تنسيقية الانتقال الديمقراطي للشعب الجزائري للالتفاف حولها، قال سلطاني إن “هذه النداءات لم تعد تهز عواطف الرأي العام، لأن الجزائريين صاروا يهتمون بشؤونهم اليومية أكثر من اهتمامهم بالسياسية”. مشيرا إلى أن “مرجعية المأساة الوطنية مازالت ماثلة في لاشعور الجزائريين، وتجعلهم يتوجسون من الانخراط في هذه الدعوات”. وحول الرهانات الموجودة في يد المعارضة لدفع السلطة إلى التنازل، عدّد سلطاني أمرين. الأول “أن تتوحد المعارضة وتوحد خطابها وأرضياتها، بحيث تشكل جبهة واسعة لا تستطيع السلطة إسقاطها من حساباتها”. والأمر الثاني أن “تنتقل المعارضة من مرحلة الأرضيات التي خدمتها كثيرا، إلى الشارع من أجل إشعاره بضرورة التحول الديمقراطي السلمي، وإزالة مخاوفه بأنه تحول هادئ ومسؤول في مصلحة الجزائريين”.