حذّر الخبير في مجال الطاقة، مصطفى مقيدش، من أن الاحتياطات الوطنية لن تسمح بتغطية الإنفاق العمومي إلاّ لمدة أربع سنوات على أقصى تقدير، مع العمل على تخفيض المصاريف، وتوقع أن تواجه الجزائر بعدها وضعية خطيرة إذا لم تتوصل الحكومة إلى تبني الاستراتيجية التي من شأنها التحرر من التبعية تدريجيا قطاع الريع. ودعا المتحدث، في تصريح ل”الخبر”، الحكومة إلى العمل على الحد من “التبذير”، مشيرا إلى الأعباء التي تتحملها الخزينة العمومية نتيجة آليات الدعم في أسعار مختلف المواد كما هو الشأن بالنسبة للوقود. وذهب المتحدث أبعد من ذلك حين قدّر أن عدم تكمن السلطات العمومية من تأمين الاحتياجات الأساسية على غرار الغذاء والدواء من جهة وغلق آلاف مناصب العمل بفعل الأزمة من الجهة المقابلة، يؤدي إلى أزمة سياسية وأمنية، من منطلق أن الوضعية الحالية تشبه إلى حد بعيد أزمة أسعار النفط في منتصف الثمانينيات. وأكد مقيدش على أن السلطات العمومية ستضطر في حال تواصل وتيرة أسعار النفط بالانخفاض، للجوء إلى قانون المالية التكميلي خلال السنة المقبلة لتعديل الميزانية وضبطها، بناء على المستجدات المرتبطة بتراجع المداخيل المتأتية من صادرات النفط وتقويم حجم الإنفاق العمومي تبعا للمعطيات الجديدة. وشدد الخبير على ضرورة تبني الحكومة الحلول المناسبة لتجاوز الوضعية الحالية، في ظل عدم قدرتها على التحكم في أسعار النفط في البورصة العالمية، حتى على مستوى الدول المصدرة للنفط “أوبك” التي تعاني من هيمنة الأسباب والمصالح الجيوسياسية على القرارات المتخذة من قبلها، ما يجعلها تتمسك بالإبقاء على حجم الإنتاج مرتفعا، رغم تداعيات ذلك على السعر، الأمر الذي يلغي الفائدة من هذه المنظمة، من منطلق أنها عاجزة عن إيجاد الحلول في الأوقات الحرجة. وأشار مقيدش إلى “الاتفاق” الموجود بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدةالأمريكية للتحكم في أسعار المواد الطاقوية لإضعاف روسيا وإجبارها على تغيير مواقفها السياسية في قضايا دولية معينة، إلا أنه قال إن انخفاضا في الأسعار يعكس أيضا أسبابا اقتصادية تتعلق بتحقيق بعض الأسواق اكتفاء ذاتيا وارتفاع حجم الإنتاج والعرض في السوق بالمقارنة مع الطلب. وذكر المتحدث أن المملكة العربية السعودية تخاطر بالدخول في هذه الممارسات، على اعتبار أنها ستواجه صعوبات في وضع الميزانية مع تراجع أسعار البترول إلى ما دون 90 دولارا، بينما أضاف أن الجزائر ستكون من بين أكبر الدول تعرضا للخطر جراء انهيار الأسعار، بالنظر إلى اعتمادها الكلي على مدخول الريع وعدم قدرة الاقتصاد الوطني على تغطية الحاجيات الأساسية إلا عن طريق تحويل العملة الصعبة المكتسبة من بيع المحروقات إلى واردات من مختلف المواد.