بدأ قادة حفتر يضيقون ذرعا بحلفائهم الذين يشتركون معهم في قتال قوات “فجر ليبيا” ومجلس ثوار بنغازي ولكنهم يختلفون معهم في الأجندة السياسية، على غرار جيش برقة الانفصالي الذي يسعى لفصل إقليم برقة (الشرق الليبي) عن بقية التراب الليبي، وجيش القبائل الذي يرفع العلم الأخضر الذي يمثل نظام العقيد معمر القذافي، ويضم في صفوفه مقاتلين من قبائل الورفلة وترهونة والقذاذفة التي ساندت القذافي في حربه ضد الثوار. وآخر أزمة وقعت بين قوات حفتر الذين يطلقون على أنفسهم “الجيش الوطني الليبي”، وحلفائهم في جيش القبائل الموالين للنظام السابق، جاءت بعد انسحاب جيش القبائل من المعارك في غرب ليبيا بسبب رفض كتائب الزنتان المتحالفين مع حفتر تزويدهم بالأسلحة والذخائر التي وصلتهم جوا من الجبهة الشرقية، حيث تتمركز غرفة عمليات قوات حفتر التي تستفيد من أسلحة وذخائر تأتي من مصر والإمارات، حسب عدة مواقع إخبارية. وردت قيادة أركان الجيش الليبي جناح الناظوري الموالي لحفتر، برفضها وجود أي جيش آخر غير الجيش الوطني الليبي، وعدم اعترافها بجيش القبائل، ولا بشعاراته وعلمه الأخضر، خاصة أن أنصار القذافي أطلقوا قناة فضائية تسمى الخضراء والتي عادت لتغير اسمها إلى “الجماهيرية”، فضلا عن قناة “القبائل”، كما أن أنصار القذافي ازداد نشاطهم بشكل مكثف منذ إطلاق الجنرال المتقاعد خليفة حفتر عملية الكرامة في شهر ماي الماضي، ما أحرج قوات حفتر والمحسوبين عليها من الثوار والقبائل التي شاركت في الإطاحة بنظام معمر القذافي. وما زاد الشرخ بين أعداء الأمس حلفاء اليوم، مناقشة مجلس النواب في طبرق المساند للجنرال المتقاعد خليفة حفتر قانون العزل السياسي الذي يشمل عائلة القذافي، وهو ما أثار أنصاره الذين ينظرون إلى عملية الكرامة على أنها فرصة لعودة النظام السابق، خاصة أن خليفة حفتر أعاد تجميع مقاتلي الكتائب الأمنية التي حاربت إلى جانب العقيد القذافي لاستعمالها في حربه للسيطرة على مدينة بنغازي، كما استعملت كتائب الزنتان مقاتلي اللواء 32 معزز التابع للكتائب الأمنية للقذافي لمواجهة النقص العددي لمقاتليها، أما تحالف كتائب غرب ليبيا العربية والأمازيغية مع الكتائب الإسلامية، فعدد سكان الزنتان لا يتجاوز 30 ألف نسمة مقابل 200 ألف نسمة لمدينة مصراته لوحدها، في حين أن القبائل الموالية للقذافي تضم أكبر عدد من سكان ليبيا، فيكفي أن ورفلة تضم نحو مليون نسمة في منطقة ورشفانة وبني وليد فقط، ناهيك عن القذاذفة أزيد من 150 ألف نسمة، أما ترهونة فتعتبر من أولى القبائل التي استوطن أهلها العاصمة طرابلس بالنظر إلى القرب الجغرافي. هذا الشرخ الذي وقع بين قوات حفتر وجيش القبائل، ظهر جليا في فشل كتائب الزنتان في السيطرة على الطريق الساحلي الرابط بين راس جدير والعاصمة طرابلس، وتسليم شيوخ جميل ورقدالين مدينتيهما لقوات فجر ليبيا المتحالفة مع حكومة طرابلس، ما أجبر كتائب الزنتان على وقف تقدمها نحو الطريق الساحلي شمالا والتراجع إلى القاعدة الجوية الوطنية جنوب صبراته، خوفا من أن يتم محاصرتها من الخلف بعد دخول قوات فجر ليبيا مدينتي الجميل ورقدالين. سياسيا، حدد المبعوث الأممي إلى ليبيا بيرناردينيو ليون تاريخ الخامس من جانفي موعدا للمحادثات مع أطراف الصراع في ليبيا، ومن المتوقع أن يطرح خريطة طريق من ثلاث نقاط، تتمثل، حسب مصادر إعلامية ودبلوماسية، في تشكيل حكومة وحدة وطنية ووقف إطلاق النار وإخراج الميليشيات.