استغربت التنظيمات النقابية الممثلة لمختلف قطاعات الوظيف العمومي، قرار الحكومة “المفاجئ” بشد الحزام، بسبب انهيار أسعار النفط، حيث قالت إنها لازالت لم تستفق بعد من تطمينات السلطات التي ظلت تتغنى بالبحبوحة المالية والخروج من تبعية قطاع المحروقات، قبل أن تصطدم بها وهي تدق ناقوس الخطر لتقول “عليكم بشد الحزام...التوازنات المالية في خطر”. وقال رئيس نقابة ممارسي الصحة العمومية الدكتور مرابط إلياس، إن السياسات “العرجاء” التي انتهجتها الحكومات المتعاقبة طيلة العشرية الماضية، أعادت الاقتصاد إلى نقطة الصفر، لتبقى عبارات البحبوحة والخروج من تبعية المحروقات مجرد شعارات تغنت بها هذه الأخيرة، وخدعت من خلالها الشعب، بتواطؤ مع الاتحاد العام للعمال الجزائريين الذي كان حاضرا وحده في جميع الاجتماعات واللقاءات المصيرية التي تهم الجبهة الاقتصادية والاجتماعية. وقال الدكتور مرابط إن قرار الوزير الأول تعليق التوظيف لن يؤثر على عملية الترقية المرتقبة في الصحة بداية 2015، لأن الأمر يتعلق بتحويل آلي للمناصب المالية، غير أنه تخوف من مصير 60 ألف موظف من الأسلاك المشتركة يعملون في إطار عقود ما قبل التشغيل، معظمهم حاملو شهادات جامعية، ستتبخر أحلامهم في الترسيم والتثبيت في مناصبهم بعد أكثر من 15 سنة من الانتظار. وبالنسبة للتربية، فإن الأمر لا يختلف كثيرا، مادامت تعليمة الوزير الأول قد استثنت هذا القطاع من إجراءات التقشف، “لكن كل شيء ممكن في الجزائر”، يقول ممثلو النقابات، وإلا فكيف يفسر التحول الخارق لتصريحات أصحاب القرار بين عشية وضحاها، يضيف محدثونا، “من البحبوحة والراحة المالية إلى الأزمة وسياسة التقشف”! وقال رئيس نقابة “سناباست” مزيان مريان في هذا الإطار، إن الإطارات السامية والنواب وغيرهم من “المحظوظين” هم من استفاد من البحبوحة المالية، والوزير الأول يطالب الموظف البسيط اليوم بشد الحزام، فالطبقة المتوسطة دائما تدفع “ثمن أخطاء الكبار”، وعلى الوزير الأول أن يفكر في كيفية موازنة رواتب النواب والإطارات السامية لجعلها أكثر عقلانية، وضخ الأموال التي ستنتج عن العملية إلى الخزينة العمومية بدل “البكاء فوق راس الشعب الفقير”. من جهته، قال ممثل نقابة “اسنتيو” قويدر يحياوي، إن تعليق توظيف الأساتذة مستبعد تماما بالنظر إلى العجز الكبير المسجل، مشيرا إلى أنه في حالة بلوغ الوضع درجة تستلزم ذلك، فإن العملية ستقتصر على توظيف الأسلاك الإدارية مثلما حصل بداية التسعينات. أما رئيس اتحادية عمال التربية للمركزية النقابية فرحات شابخ، فيرى أن التقشف يمكن أن يكون في جميع المجالات ما عدا التعليم والصحة، لأنهما مستقبل البلاد، مشيرا إلى أن تنظيمه ينتظر من وزارة التربية مواصلة التوظيف وتعويض المناصب الشاغرة، وكذلك مناصب المتقاعدين، في إطار تنسيق محكم بين الوصاية ووزارة التعليم العالي لاستقطاب أكبر عدد ممكن من خريجي المدارس العليا للأساتذة.