دعا نشطاء حقوقيون السلطات الجزائرية إلى العمل على القضاء أو الحد من اللجوء إلى التعذيب والإهانات الجسدية، من طرف الضبطية القضائية، ضد الموقوفين، بغرض افتكاك تصريحات أو تكوين ملفات قضائية ضدهم. وجاء ذلك بمناسبة إحياء منظمة الأممالمتحدة لليوم العالمي لمناهضة التعذيب، الموافق ل26 جوان من كل سنة، وذلك من خلال ندوة استضافتها الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، مساء أول أمس، بالعاصمة. وخلال محاضرته حول المناسبة وظاهرة التعذيب في السجون ومصالح الضبطية القضائية، قال الرئيس السابق للرابطة، المحامي مصطفى بوشاشي، إن “التعذيب ظاهرة موجودة في الجزائر وفي الأنظمة التسلطية ويطبق كوسيلة للحصول على إقرارات قانونية وأمنية”. وأوضح بوشاشي بأن “التعذيب كان ممنهجا في الجزائر خلال فترة التسعينات، بل أضيف لأقول إنه كان ممارسا قبل تلك الفترة وما بعدها”، مشيرا إلى أنه “يتم في شكل إجراء تقوم به الضبطية القضائية لإنجاز ملف قضائي”. ونفى أن يكون جميع الموقوفين أو الذين يمثلون أمام القضاء كاذبين لدى حديثهم عن تعرضهم للتعذيب، “لأن الظاهرة موجودة حتى وإن كان اللجوء إليها يتم بشكل دائم”. وفي هذا السياق، دعا مصطفى بوشاشي، النائب السابق عن جبهة القوى الاشتراكية بالمجلس الشعبي الوطني، السلطات “لاحترام المعاهدة من قبل كل الفئات المشرفة على تطبيق القانون، وهي مديرية الاستعلام والأمن، الدرك الوطني، والشرطة، والتوقف عن تبرير ممارسة التعذيب من طرف هذه الفئات باسم أوامر فوقية، وفتح التحقيق فوريا، ضد أفراد الضبطية القضائية، إذا ما تناهى إلى علم السلطات بأنهم مارسوا التعذيب، سواء عبر الوسائط الإعلامية أو تصريحات الضحايا”. غير أن محدثنا، يعترف بعدم تسجيل أي حالة تحقيق في حالة تعذيب، متسائلا: “لم يحدث أن فتح تحقيق في حالة تعذيب واحدة، لماذا؟ إنه شيء مؤسف جدا”. وردا على سؤال حول انتشار الظاهرة في الجزائر، قال بوشاشي إن “التعذيب معمول به بنسبة 90 بالمائة، ويبدأ من أول يوم لإلقاء القبض على المشتبه به، إلى يوم تقديمهم للعدالة”، إذ بالنسبة إلى محدثنا، فإن “ممارسة التعذيب عنوان لكل نظام تسلطي يمارس به سياسة الترغيب والترهيب للاستمرار في الحكم مهما كان الثمن”. وعن الوسائل الكفيلة بالتقليل من ممارسة التعذيب، أشار بوشاشي إلى السماح للمحامين بمرافقة موكليهم المشتبه بهم في كل مراحل التحقيق، بدءا من لحظة إلقاء القبض أو التوقيف إلى المحاكمة. وتعليقا على مقترح المحامي فاروق قسنطيني، مؤخرا، حول تثبيت كاميرات مراقبة داخل مراكز الضبطية القضائية كوسيلة لمكافحة التعذيب، قال بوشاشي: “أتأسف لهذا الكلام، هذا نوع من أنواع الهروب إلى الأمام، فالذي يتحكم في الكاميرات يستطيع التحكم في مضمون الصور الملتقطة، فقد يمحوها، أو يعطلها !” بالمقابل، أعرب بوشاشي عن أمله في أن تؤدي تصريحات وزير العدل، الطيب لوح، مؤخرا، حول مشروع تعديل قانون الإجراءات الجزائية، والتي ذكر فيها أن التعديلات المقترحة تتضمن السماح للمحامين بالحضور عند الضبطية القضائية، مؤكدا بالقول: “إن حدث ذلك فهو أمر إيجابي نثمّنه”.