قلل مسؤول أمني سابق من أهمية اتفاق السلام المبرم بين حكومة مالي وحركات الأزواد في الشمال، وقال إنه ينطوي على مخاطر وتهديدات على وحدة الجزائر وسلامتها الترابية في المستقبل. وقال العقيد المتقاعد في جهاز الاستعلام والأمن “دياراس”، محمد خلفاوي، خلال منتدى جريدة “الشعب”، أمس، إن الاتفاق المشار إليه، والذي لعبت فيه الجزائر دورا محوريا، يتضمن ثغرات لها تأثيرات أمنية عميقة على استقرارها وحدودها، مشيرا إلى أن “بند إنشاء مجلس استشاري محلي خاص بالسكان “الأزواد” مثير للقلق، لأنه سيتحول في المستقبل إلى برلمان يصدر المواقف والقرارات”، واستدل المتحدث نفسه بما حصل مع إقليم شبه جزيرة القرم في أوكرانيا سابقا، والذي كان يخضع لسيادة هذه الأخيرة منذ الخمسينات، لكن بمجلس استشاري جهوي، وبمجرد أن قرر الاستقلال عنها والانضمام للسيادة الروسية. وأضاف خلفاوي الذي كان يتحدث برفقة زميله المتقاعد، بن عمر بن جانة، حول “عولمة الإرهاب وتداعياته الجيو- ستراتيجية”، “رغم الجهود الجبارة التي يقوم بها وزير الخارجية، رمطان لعمامرة، إلا أن الحديث عن إخماد الفتنة في الشمال المالي، سابق لأوانه، الماليون ينتظرون المساعدات الأجنبية لتجسيد الاتفاق على الميدان، وبدونها ستبقى المشكلة قائمة، خاصة في ظل أزمة الجفاف وغياب التنمية، باختصار نحن أمام خطر داهم من الجنوب”. وإن يعترف خلفاوي بخطورة كلامه، فهو يلقي بالمسؤولية على الدولة الجزائرية لتفادي حدوث هكذا سيناريو، مشيرا إلى أن “سقوط ليبيا وتقسيمها يعني أن الدور آت على الجزائر لا محالة، ونفس الشيء بالنسبة إلى تونس، فإن سقوطها يعني سقوطنا”. وعن الأسباب أو المعلومات، التي تجعله يقول هذا الكلام، أشار المتحدث إلى أن “باستثناء حدودنا مع تونس، فإن الباقي ملتهب ولا يساعد على الحديث بأريحية عن وضعنا الداخلي، الذي يتطلب عناية أكبر من جانب الدولة، بداية من تكريس المواطنة وبالمزيد من الانفتاح السياسي”. ويتفق الخبيران بن جانة وخلفاوي حول خطورة التهديدات الآتية من ليبيا، وقالا إن الجزائر “ليست بمنأى عما يحدث فيها”، مستعيران تساؤلا طرحه وزير الخارجية رمطان لعمامرة، مفاده “من يكون داعش؟”، ملمحين إلى أنه “صنيعة مخابر أجنبية بتمويل خليجي واضح هدفه ضرب دول محور الصمود والتصدي، والدول التي تغيرت أنظمة الحكم فيها مثل تونس ومصر وليبيا، في 2011 و2012”. ويرى الخبيران بأن “تونس تدفع ثمن خياراتها القائمة على الديمقراطية والدولة المدنية والحريات، وهو خيار لا يعجب أحدا في المنطقة العربية، وبالتالي فإن ضربها يهدف إلى تكسير عزيمة الشعب التونسي للمضي قدما في تحقيق مشروعه”. وعلى مدار ساعتين من النقاش، سعى الخبيران للإحاطة بالعوامل، التي جعلت التنظيم الإرهابي “داعش” يتمدد بهذه السرعة وبرعاية هالة إعلامية عالمية مخصصة له، وكيف جعل من الفكر السلفي وأموال الخليج العربي أساسا لتمويل عمليات القتل والتخريب وترويع الناس باسم الدين الإسلامي.