الدعوة جاءت تزامنا مع صفقة سلاح بين مصر وفرنسا بقيمة 5 ملايير أورو دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس، مجلس الأمن الدولي إلى إصدار قرار بالتدخل الدولي العاجل في لبيبا، وهو الأمر الذي يناقض ما تدعو إليه الجزائر من ضرورة إيجاد حل سياسي للأزمة هناك، وكذا مواقف مصر التي كانت مؤيدة لمبادرة الجزائر بدعمها للحل السياسي لحل ألازمة، الأمر الذي يطرح الكثير من التساؤلات حول سبب تراجع مصر عن مواقفها وتزامنها مع صفقة السلاح التي أبرمتها مع فرنسا، أول أمس، التي كانت أكثر حماسا للتدخل الأجنبي في ليبيا، غير أنها لم تتمكن من إقناع الجزائر بفكرتها في وقت سابق. وأفادت وكالة الأنباء الفرنسية، أمس، نقلا عن عبد الفتاح السيسي أنه طالب التحالف الدولي المناوئ للدولة الاسلامية «داعش» الذي يقوم بقصف أهداف لها في العراق وسوريا بقيادة الولاياتالمتحدة، إلى توسيع عملياته لتشمل ليبيا التي تتوفر على قواعد عديدة للتنظيم. وأضاف السيسي في حوار له مع إذاعة «أوروبا 1» الفرنسية، أن مجلس الأمن الدولي مطالب بإصدار قرار عاجل من أجل التدخل العسكر في ليبيا من طرف قوات التحالف الدولي التي تشن غاراتها على معاقل التنظيم بالعراق وسوريا، مشيرا إلى أنه لا توجد حلول أخرى لإخراج ليبيا من أزمتها والقضاء على معاقل الإرهاب هناك سوى القصف والتدخل بها، خاصة أن مواقع «داعش» في ليبيا -حسبه- تتمركز بالعديد من الولايات الليبية، مشيرا في نفس الوقت إلى أن هذا القرار يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار موافقة الشعب الليبي على هذه المبادرة من أجل التدخل وإعادة الاستقرار للمنطقة.كما أوضح السيسي أن التهديدات الإرهابية لتنظيم «داعش» لا تمس ليبيا فقط، وإنما تمس دول الجوار والمنطقة ككل على غرار أوروبا، مضيفا في حديثه أنه قد أخبر الرئيس الفرنسي خلال لقائهما أن الوضع الليبي يهدد منطقة الحوض المتوسط وأوروبا وبالخصوص فرنسا، داعيا إلى ضرورة التحرك قبل انفجار الأوضاع وخروجها عن السيطرة أكثر.للإشارة، تقود الجزائر في الوقت الحالي مبادرة للحوار بين الليبيين، والتي دعت من خلالها إلى حل الأزمة الليبية سياسيا بعيدا عن العنف والتدخل العسكري، حيث حذرت الجزائر على لسان وزير الخارجية رمطان لعمامرة من مغبة الانجرار وراء التدخلات الأجنبية العسكرية، من أجل تفادي إعادة سيناريو التدخل للقضاء على نظام القذافي الذي خلف هذا الدمار والفوضى في ليبيا اليوم، إذ سبق لأمريكا الاعتراف بأن التدخل في ليبيا كان خطأ فادحا، وهو اليوم يهدد أمن المنطقة ككل. الخبير الأمني محمد خلفاوي ل"النهار": التدخل المصري في ليبيا وراءه دول أجنبية اعتبر الخبير الأمني، محمد خلفاوي، دعوة مصر مجلس الأمن للتدخل الأجنبي في ليبيا بمثابة فرصة للعديد من الدول كفرنسا التي ظلت تبحث بين دول الجوار عن حليف للتدخل في ليبيا، وكذا إيطاليا التي تريد التدخل عسكريا في ليبيا باسم القوات الدولية وحتى بعض الدول العربية، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن مصر أبرمت صفقة سلاح مع فرنسا بأكثر من 5 ملايين أورو، وهي في أزمة اقتصادية، مما يؤكد أن هناك دولا أخرى تدفع للتدخل الأجنبي في ليبيا باسم مصر، وهو ما يشكل خدمة كبيرة للرأي العام العالمي.واعتبر خلفاوي أن صورة الجزائر التي أعلنت عن احتضانها للحوار بين الأطراف المالية قد تزعزعت، مؤخرا، وفقدت وزنها في القضية الليبية، خاصة بعد دعم دول الساحل في اجتماع نواقشط للموقف الفرنسي على حساب الجزائر، وأضاف ذات المتحدث أن ظهور بعض قادة حزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحل في الجزائر مؤخرا ومحاولتها للعودة إلى الساحة السياسية، وكذا تهور بعض الشباب الطائش في مسيرة نصرة الرسول عليه الصلاة والسلام وترديد عبارات ممجدة ل«داعش»، كان مادة دسمة لوسائل إعلام أجنبية للاستثمار فيها لتشويه صورة الجزائر وإضعاف موقفها تجاه القضية الليبية.وقال خلفاوي إن التدخل الأجنبي في ليبيا ستكون له تداعيات سلبية على الجزائر، حيث ستجد نفسها مجبرة على المشاركة بطريقة أو بأخرى في الهجمات العسكرية، حتى دون خروج الجيش من الحدود الجزائرية، وذلك من خلال تحصين حدوده مع ليبيا والتصدي لنزوح الجماعات المسلحة، مما يشكل نقطة دعم للقوات المتدخلة في ليبيا. عبد العزيز مجاهد: فرنسا دائما تمارس النفاق السياسي وموقف مصر كان متوقعا من جهته، قال الخبير في الشؤون الأمنية عبد العزيز مجاهد إن التدخل المصري في ليبيا كان منتظرا، ومنذ مدة وهي تبحث عن المبرر والذريعة، إلى أن جاءت قضية إعدام تنظيم «داعش» للأقباط المصريين الذي عجّل بالهجمات المصرية في ليبيا، حيث ادعت مصر في البداية أنها تؤيد مبادرة الجزائر في احتضان حوار الأطراف الليبية، لأنها لم تجد الدعم من دول جوار ليبيا التي عبرت عن دعمها المطلق في البداية للمبادرة الجزائرية.وعن صفقة شراء مصر لطائرات «رافال» من فرنسا بأكثر من 5 ملايين أورو، قال مجاهد إن فرنسا تتعامل دائما بالنفاق السياسي، فبعد فشلها في إقناع الجزائر بالتدخل العسكري في ليبيا من خلال السماح لطائرات القوات الأممية بالتحليق أو النزول على الأراضي الجزائرية، توجه للبحث عن حليف ثان من الدول المجاورة لليبيا، ليكون التدخل المصري في ليبيا الفرصة التي تنتظرها فرنسا لتنفيذ مخططاتها من جهة والحفاظ على صورتها في العالم من خلال ادعائها دعم المبادرة الجزائرية لحل الأزمة الليبية. الخبير الأمني عمر بن جانة: التدخل الأجنبي له تداعيات سلبية على ليبيا ودول الجوار وفي ذات السياق، اعتبر الخبير الأمني عمر بن جانة أن التدخل العسكري في ليبيا سيفتح باب جهنم على ليبيا ودول الجوار، لذلك يبقى الطرح السياسي وعلى الرغم من صعوبته هو الحل الأفضل، ويجب إعطاء الفرصة للأطراف الليبية للجلوس على طاولة الحوار، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن التدخل الأجنبي في ليبيا ستكون له انعكاسات سلبية على المنطقة ككل.