نقاش سياسي ثري .. حول «عولمة الإرهاب» والتداعيات الجيواستراتيجية نشطه الخبيران في الشؤون الأمنية بن عومر بن جانه ومحمد خلفاوي بمنتدى جريدة «الشعب» تجاوز الساعتين استعرضا خلاله مسار التنظيمات الإرهابية منذ النشأة بالتوازي مع أحداث أفغانستان إلى غاية بروز القاعدة وداعش فيما بعد. وبالرغم من تشعب الإشكالية المطروحة نظرا لترابط المحطات البارزة.. في التحولات التي كانت العديد من النقاط مسرحا لها.. وبأشكال مختلفة جذريا.. باسم شعارات معروفة رفعها هؤلاء.. في كل هذه المسافة الطويلة.. إلا أن الإنشغال الذي يؤرق المتتبعين. هو تلك القدرة المادية والإمدادية التي تحوز عليها هذه الجماعات المسلحة في إلحاق الأذى بالآخر.. أي الشعوب الآمنة. والقصد من ذلك الجانب التنظيمي «الدقيق» الذي يسمح بأن يشغل الإنسان والوسائط التكنولوجية لأغراض دنيئة جدا. وهي التجنيد ضمن شبكات محكمة.. تنقل الأفراد إلى تلك المناطق المتنازعة أمام أعين سلطات البلدان الغربية التي تدعي بأنها تحارب هؤلاء.. وإلا كيف تصل كل هذه الأعداد الهائلة إلى «مقرات» هؤلاء في العراق وسوريا وليبيا.. هذا التراخي الملاحظ لدى هذه الدول كان محل انتقاء شديد من قبل الخبيرين بن جانة وخلفاوي عندما وصفا مثل هذا العمل ب «النفاق» والذي يرمي للأسف لتحقيق أهداف غير معلنة ومرفوضة جملة وتفصيلا ألا وهي إسقاط «الدولة الوطنية» وتقويض أركانها للإجهاز عليها.. واستبعد خلفاوي وصول هؤلاء إلى السلطة.. لم يحدث أبدا منذ أن أشعلوا كل هذه «الفتن» مبرزا أن كل ما في الأمر.. المواجهة مع الجيوش النظامية لفترة قد تطول، لكن لا تتجاوز حدا معينا.. تبقى في إطار «كروفر». وهنا حذر خلفاوي من كل تهاون أو لامبالاة في الجانب المتعلق باليقظة الأمنية.. لتفادي كل ما من شأنه المساس بالاستقرار وهذا من خلال قراءة معمقة لما يقع هنا وهناك. هذه الخلفية العقائدية الممزوجة بأبعادها السياسية الراهنة يرى الخبيران في الشؤون الأمنية هي التي أوصلتنا إلى كل هذه الوضعية المعقدة جدا.. التي تحركها بعض الأطراف الضالمة في هذا المجال.. تختفي وراء مآرب مشبوهة كلفت العديد من البلدان ثمنا باهضا.. وخير دليل على ذلك تونس التي اعتبرها خلفاوي ضحية خياراتها السياسية التي تتناقض مع مصالح بعض البلدان التي تستهدفها إن عاجلا أو آجلا.. ولا ترضى أن يكون هذا البلد رافعا للواء التغيير أو شيء من هذا القبيل.. أو يتجرأ على إقامة نموذج في الفعل الخاص بالأداء السياسي.. هذا الأمر لا يساعد البعض من هؤلاء.. كما تأسف بن جانة للحالة المزرية التي وصلت إليها ليبيا.. جراء استباحة الجماعات المسلحة للبلد.. وتحويلها إلى فضاء للاقتال الدامي.. وهذا برفض عودة الدولة ومؤسساتها لتسيير شؤون البلد.. مشيرا إلى أن هناك مابين 30 و 40 مليون قطعة سلاح منتشرة أو بين أيدي الأفراد. ودعا بن جانة وخلفاوي إلى ضرورة تحديد المفاهيم بدقة عندما يجري الحديث عن هذا الموضوع.. لأن هناك خلطا مقصودا بين الإرهاب والمقاومة وحركات التحرر.. وهذا الإتجاه تنامى مع الأحداث التي شهدتها العديد من عواصم العالم التي هزتها التفيجرات.. وهناك من يريد إلصاق ذلك الوصف السلبي على من يقاومون الاحتلال في فلسطين والصحراء الغربية وغيرهما من مناطق العالم.. لذلك يستوجب الأمر الانتباه لهذا التوجه الخطير.. والعمل على الحيلولة دون بلوغ ما يسعون إليه.، ولا مجال أبدا للمقارنة بين الإرهاب كآفة منبوذة.. والمقاومة كفعل تحرري نبيل.. يسعى أصحابها لطرد المحتلين.. حتى وإن تداخلت المصطلحات إلى حد لا يطاق فإن الفارق واضح في النوايا والإرادات الحسنة والخيرة.. مقابل الأعمال الشريرة والمرفوضة عندما يتعلق بالإنسان والأوطان.