يعيش اللاجئون الصحراويون بمخيمات تندوف وضعا إنسانيا كارثيا بفعل الأضرار الناجمة عن الفيضانات التي ضربت المنطقة منذ نحو أسبوعين، وفي مقدمتها منطقة الداخلة التي تحطم نحو 90% من بناءاتها المبنية بالطين والطوب، ولا تزال معاناة هؤلاء قائمة بفعل شح المساعدات الإنسانية المتمثلة في المواد الغذائية والأدوية والأفرشة والأغطية والخيم، بدليل أن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين توقفت أمس عن تزويد المنكوبين الصحراويين بالخبز بمنطقة الداخلة وبوجدور لأسباب مجهولة. حولت الأمطار الطوفانية التي تهاطلت بشكل غير منقطع على مناطق الداخلة والسمارة وبوجدور لقرابة أسبوع، آلاف الصحراويين من وضعية لاجئين إلى منكوبين بامتياز، إذ لم تصمد خيمهم وبيوتهم المبنية بالطين والطوب أمام الفيضانات، وفقدوا خلالها ممتلكاتهم وأثاثهم وأفرشتهم وأغطيتهم، ووضعتهم في عزلة تامة عن العالم بعد انقطاع التيار الكهربائي ووسائل الاتصال، فيما لم يبقى من مخازن المؤونة الخاصة بالمواد الغذائية والأدوية أي شيء. ولم تكن باقي المؤسسات والإدارات في منأى عن هذه الفيضانات، بعد أن تضررت مستشفيات ومصحات، وهو الوضع الذي وقفت عليه “الخبر” في منطقة الداخلة الواقعة على بعد 200 كلم عن مدينة تندوف، والمصنفة في المرتبة الأولى من حيث الأضرار والخسائر التي لحقت باللاجئين، ولم تسلم المؤسسات التربوية كمدارس التعليم الابتدائي والمتوسط من الكارثة، بعد أن تهدم بعضها نهائيا وسقطت جدران أخرى وضعت التلاميذ في عطلة إجبارية، ولو أن الجهود ما تزال متواصلة لأجل تدارس إمكانية استئناف الدراسة هذا الأسبوع. مع أن النساء والأطفال والمسنين يقولون إننا مازلنا بحاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية المتمثلة في الخبز والدقيق والعجائن والأدوية والأفرشة والخيم، إلا أن المفوضية السامية لإغاثة اللاجئين توقفت أمس عن تزويد المتضررين بمنطقتي الداخلة والسمارة بالخبز. وأوضح ممثل الهلال الأحمر الصحراوي بالداخلة أن السكان المتضررين تفاجؤوا في حدود منتصف نهار أمس، موعد تسلم حصتهم من الخبز، بعدم توفر هذه المادة، لأن المفوضية السامية لإغاثة اللاجئين توقفت عن توزيع الخبز. ويقول ممثل الهلال الأحمر الصحراوي “عندما سألنا ممثل المفوضية السامية لإغاثة اللاجئين بالمنطقة عن السبب، قال لنا اسألوا المديرة القائمة على تسيير المنظمة بالمخيمات فهي صاحبة الامر والنهي”، ما يقود بالتالي إلى طرح تساؤل آخر عن سبب اقتصار المفوضية السامية لإغاثة اللاجئين على توزيع الخبز. وهناك ملابسات أخرى وقفنا عليها أثناء حضورنا مراحل إشراف برنامج التغذية العالمي على توزيع مواد غذائية على اللاجئين المتضررين، إذ وفي ظرف أسبوع (8 أيام) قامت هذه الهيئة بتقديم 4,5 كيلوغرام من الدقيق على كل فرد، زيادة على لتر واحد من الزيت وكيلوغرام من الأرز، ما يدعو أيضا للتساؤل عن الدور الذي تلعبه هذه الهيئة الدولية في منطقة منكوبة بات المتضررون فيها مهددين بالمجاعة، بدليل أن وزير التعاون الصحراوي قال في حديث خص به “الخبر” إن برنامج التغذية العالمي اعترف بأنه لا يملك أي شيء يقدمه للاجئين في المنطقة. وإلى ذلك يعترف كثير من اللاجئين في منطقة السمارة، أنهم يعيشون في حالة خطر بالنظر للنقص الشديد في المساعدات الإنسانية، ويقولون إنه لغاية اليوم هم يعيشون فقط من المساعدات التي يقدمها محسنون جزائريون. وفي غمرة هذا الوضع المأساوي، لا يزال آلاف اللاجئين المتضررين بحاجة إلى خيم وأغطية وأدوية، باعتبار أن الخيم التي وزعت خلال الأيام الأولى من الفيضانات بينها 150 خيمة قدمتها ولاية تندوف، وزعت على العائلات باستعمال القرعة. ونجم عن هذه الفيضانات أمراض أخرى كالسعال، الزكام والحساسية وأخرى لها علاقة بانعدام النظافة نتيجة انسداد في قنوات الصرف. وعلى العموم فإن المساعدات التي وصلت إلى مخيمات اللاجئين اقتصرت إلى غاية الساعة على ما قدمه الهلال الأحمر الجزائري وجمعية العلماء المسلمين وبعض المحسنين، وأخرى قدمها رجل أعمال إسباني على متن طائرة، فيما يرتقب أن تصل اليوم إلى المخيمات مساعدات قدمها رجل أعمال جزائري من إحدى ولايات الوطن.