تتواصل بمدينة تمنراست، فعاليات الطبعة الثامنة من”المهرجان الوطني الثقافي للموسيقى والأغنية الأمازيغية”، في جانبه المتعلق بالمسابقة بين الفرق الهاوية الممثلة للجهات الأربع للأغنية الأمازيغية، وتهدف إلى اكتشاف المواهب الشابة في هذا المجال، وتشجيع الفرق التي تؤدي هذه الطبوع المحلية وتبحث فيها وتطورها وتدخل عليها آلات جديدة، ولذلك يدرج مسابقة بين الشباب لتشارك بعدها في المهرجان كفرق محترفة. شهد اليوم الأول من المسابقة الرسمية للمهرجان، مرور الفرق الثلاث الممثلة للأغنية الشاوية، وكانت للجنة التحكيم وقفة مع حضور فرقة “أسيل” أي “الأمل” من خنشلة، والمكوّنة من خمسة شبان، مغني وعازفين على آلات موسيقية عصرية، أدت أغنيتين لقيت إعجاب الجمهور، وتتميز مسابقة المهرجان كونها ترتكز على عامل الإبداع والشباب في العمل الفني الموسيقي والغنائي، بالإضافة إلى الصوت والأداء، ولذلك طرح ظهور فرقة “تيزيري” أو الأصيل للفلكلور من ولاية باتنة، تساؤلات عديدة عند الجمهور الحاضر والإعلاميين وحتى لجنة التحكيم، عن أهمية مشاركة الفرقة التي تؤذي الغناء والرقص الفلكلوري، كما أن أعضاءها تقريبا من الشيوخ. “الخبر” سألت رئيس لجنة التحكيم عن هذا الاختيار المنافي لأهداف المهرجان فيما يخص اكتشاف المواهب الشابة المبدعة والمجددة في التراث. فقال الأستاذ عمارة يزيد “إن الاختيار يعود إلى المسابقات المحلية، وسبق أن نبّهنا إلى هذا في التوصيات السابقة، لكن نفس الخطأ وقعوا فيه هذه المرة أيضا”، وتزخر منطقة الشاوية بعدد كبير من الفرق الشابة الهاوية التي تؤدي الشاوي العصري وتتخذ “كاتشو “ مثلها الأعلى، ومع ذلك تغيب عن المهرجان، خاصة في هذه الطبعة، بعد أن اكتشف الجمهور أن الفرقة الثالثة أيضا هي فرقة غناء ورقص فلكلوري “إيغودار ماسكولان” من خنشلة وأعضاؤها كبار في السن ولا يمثلون فئة الشباب، وليس لهم علاقة مع الإبداع، بما أن الفلكلور هو ملك للجميع، وتتداول بعض الألسن فرضية أن هناك نوع من الإقصاء وتفضيل مشاركة هذا النوع من الفلكلور (الڤصبة والبندير)، على حساب إبداعات الشباب التي يرى فيها بعض المحافظين، مساسا بالتراث الشاوي وتحريفا لأصالته، تبقى الإشارة إلى أن المهرجان سبق أن ساهم في بروز فرقة “إيشنوين” الشابة والتي فازت بالجائزة الأولى للمهرجان في طبعة سابقة، وأبهرت الجمهور في سهرة الإفتتاح وتركت انطباعا حسنا. وليس بعيدا عن منطقة الشاوية، تسعى الفرق الشابة من منطقة ميزاب للخروج بالأغنية الميزابية إلى العلن، خاصة وأن المنطقة محافظة وترفض أي تجديد أو تحديث في موروثها الموسيقي، بل هناك من يعتبر التعامل مع الموسيقى من المحرمات في المجتمع، ومع ذلك يصعد على منصة المنافسة في مهرجان الموسيقى والأغنية الأمازيغية فرقة واحدة بمؤذيين، مع الإشارة إلى أن الطبعات السابقة اقتصرت تقريبا على مشارك واحد. وتشارك الأغنية المزابية في هذه الطبعة بفرقة “تيفاوت”، وأدى الوصلة الأولى المتسابق بلولو أحمد من غرداية، والثاني مهدي بانس. وتميزا المشاركين بالصوت الجميل والصافي والأداء الجيد. وتتنافس الأغنية المزابية على المرتبة الأولى بقوة، في انتظار المتنافسين المتبقين والممثلين لكل من الأغنية القبائلية التي شاركت مساء أمس والأغنية الترڨقية التي يمر ممثلوها اليوم أمام لجنة التحكيم، والتي يعوّل عليها الجمهور بتمنراست، لتمثلهم أحسن تمثيل، خاصة وأن الولاية سبق أن قدّمت فرقا في المستوى قد تحولت مؤخرا من الهواية إلى الاحتراف بكل جدارة واستحقاق. ويبقى المهرجان بالنسبة لهؤلاء الشباب، كما صرح لنا أعضاء الفرق سابقة الذكر نافذة هامة على الاحتراف والاحتكاك والتعلم، باعتبار المهرجان مجالا للتكوين أيضا وفرصة للالتقاء بكل أطياف الأغنية الأمازيغية وتبادل الآراء والأفكار والتجارب والخبرات بين شباب الجزائر.