تتلخص مهمة المجلس الدستوري، حسب خبراء، في تحديد شكل تمرير مقترحات مواد الدستور الجديد فقط، من دون أن يتجاوزها إلى المساس أو “تعديل” التعديلات، سواء بإلغائها أو إضافة مواد أو فقرات جديدة. استبعد خبراء في القانون الدستوري أن يشتمل رأي هيئة مراد مدلسي النظر في مدى دستورية التعديلات التي يقترحها رئيس الجمهورية في مشروع قانون مراجعة الدستور، وإنما سيكتفي بالتأكد من عدم مساس التعديلات بالتوازنات الأساسية للسلطات والمؤسسات الدستورية وحقوق الإنسان والمبادئ العامة للمجتمع. وفي هذا الصدد، يؤكد الأمين شريط، أستاذ القانون الدستوري وعضو مجلس الأمة، أن دراسة المجلس الدستوري لن تتجاوز حدود ما سيتضمنه إخطار رئيس الجمهورية، على اعتبار أن الفحوى سيكون حول عدم خرق المادة 176 من الدستور الحالي. وأوضح صاحب كتاب “الوجيز في القانون الدستوري والمؤسسات السياسية المقارنة”، في اتصال مع “الخبر”، أن هيئة مراد مدلسي ستعكف على الإجابة عن استفسار رئيس الجمهورية بخصوص تمرير الدستور عبر غرفتي البرلمان فقط أو أن ما يقترحه من تعديلات يمس توازنات السلطات وحقوق الإنسان ومبادئ المجتمع، وبالتالي إلزامه بتنظيم استفتاء شعبي بعد مصادقة النواب على المشروع. وفي نفس الاتجاه، جاء رأي عضو المجلس الدستوري سابقا، عامر رخيلة، الذي يؤكد أن هذا الأخير لن يستغرق وقتا طويلا في الرد على رسالة الإخطار، مرجحا أن ينتهي من صياغة الرأي في جلستين على أقصى تقدير، على أنه ليس من صلاحيات المجلس الدستوري إضافة أو إلغاء مواد، بعد مصادقة مجلس الوزراء على المشروع، ويفتي برأيه في شكل تمرير التعديلات المقترحة إما بتصويت البرلمان بغرفتيه عليه بلا مناقشة. أما إذا مست المقترحات بالتوازنات المؤسساتية وبالسلطات، ومبادئ المجتمع وحقوق الإنسان، فإنه يتعين على الرئيس الالتزام برأي المجلس القاضي بتنظيم استفتاء شعبي، بعد تقديم التعديلات في شكل قانون عادي للمجلس الشعبي الوطني ومناقشته والمصادقة عليه في جلسة علنية من طرف النواب، ثم يحال على مجلس الأمة للمصادقة عليه، ليتم استدعاء الناخبين للإدلاء برأيهم فيه، مثلما حصل مع قانون الوئام المدني في 1999. وحسب قواعد عمل المجلس الدستوري، تبتدئ عملية إعداد رأيه حول تعديلات رئيس الجمهورية الدستورية، برسالة إخطار توجه إلى رئيس المجلس الدستوري من قبل رئيس الجمهورية، وبعد تسجيل الرسالة بالأمانة العامة للمجلس، يسلم وصل باستلامها. وفي مرحلة ثانية، يشرع أعضاء المجلس في التحقيق في دستورية مواد مشروع قانون تعديل الدستور من عدمها، بعد اختيار رئيس المجلس مقررا من بينهم، تتلخص مهمته في التثبت من الملف وإعداد مشروع “الرأي”، تسلم نسخة منه إلى كل عضو، مرفقة بتقرير يكون قد أعده في الموضوع. ويضطلع المقرر، في هذا الصدد، بعملية جمع كل المعلومات والوثائق المتعلقة بالمشروع الدستوري، كما يحق له استشارة أي خبير يختاره من خارج المجلس. وفي ختام مرحلة التحقيق في الملف، يحدد رئيس المجلس تاريخ عقد جلسة عامة، تخصص لتلاوة رأيه في الدستور بحضور الأعضاء وعددهم ثمانية، على أن يعلل “الرأي” الدستوري، قبل إصداره في غضون 20 يوما التي تلي الإخطار، وتبليغه برسالة إلى رئيس الجمهورية، مع إرسال نسخة منها إلى الأمانة العامة للحكومة لنشرها في الجريدة الرسمية.