سجلت المصالح البيطرية مؤخرا، ارتفاعا في هلاك عدد رؤوس الماشية والأبقار، بسبب استفحال داء الكَلَبْ. ودقّ البياطرة في مختلف الولايات، ناقوس الخطر، بالنظر إلى الخسائر الاقتصادية الكبيرة التي ستنتج عن سرعة انتقال العدوى بين الحيوانات. وأخطر من ذلك، حسبهم، خطر انتشارها لتصيب المرّبين، وحتى المستهلكين، ليتجاوز بذلك عدد الوفيات المرتبطة بالداء 15 حالة سنويا، من بين حوالي ألف إصابة بالكَلَبْ. بعد أسابيع من تحرك مصالح وزارتي الصحة والفلاحة لاقتناء جرعات كبيرة من اللقاح المضاد للكَلَبْ عند الإنسان، بعد ندرة دامت أشهر طويلة، عاد الحديث مجددا عن استفحال الداء، لكن هذه المرة في أوساط قطعان الغنم والأبقار، حيث اشتكى العديد من المربين من نفوق حيواناتهم بعد تعرّضها لعضات كلاب ضالة. وفي هذا الإطار بالذات، أعلنت مصادر بيطرية مسؤولة، بأن الوضعية ستتعقد أكثر خلال الأيام المقبلة ما لم تعجّل وزارتي الصحة والفلاحة، في هيكلة وتأطير عمليات تطعيم الحيوانات بالنظر إلى غياب التنسيق بين الدائرتين الوزاريتين، تضيف مصادرنا، رغم وجود مخطط صحي وقائي يركّز أساسا على تلقيح الحيوان، سواء تعلّق الأمر بالغنم أو الأبقار بهدف كسر سلسلة العدوى. وقالت ذات المصادر، بأن تدخّل البياطرة في حالة تسجيل حالة كَلَبْ، يقتصر على التخلص من الحيوان المريض وتلقيح جميع الحيوانات الأخرى الموجودة في نفس البؤرة، وهو خلل كبير في العملية، باعتبار أن تدخّل المصالح البيطرية لا بد أن يتم من خلال إجراء مسح شامل وكامل لجميع المناطق المحيطة بالبؤرة، بالنظر إلى سرعة انتقال العدوى، باعتبار أن معظم العضات المسجلة مصدرها كلاب أو ذئاب ضالة ومشرّدة، لا يمكن أبدا التعرّف على مكان تواجدها. وهنا بالذات يكمن المشكل الكبير الذي يواجه البياطرة ويحول دون تطبيق هذه المعايير المعمول بها في جميع الدول. ويتعلق الأمر بغياب التنسيق بين مختلف المصالح المحلية والبيطرية وأيضا الأمنية، فالبيطري، تقول مصادرنا، لا يمكنه التنقّل لوحده إلى أماكن تواجد الكلاب والذئاب الضالة بمفرده، بل هو بحاجة إلى فرق أمنية لحمايته "ليكون تدخل البيطري في هذه الحالة تماما مثل رجل المطافئ الذي يقوم بإطفاء النار ساعة اندلاعها فقط". وحذّر المصدر الذي تحدّث ل"الخبر"، من خطر انتشار الكَلَبْ إلى الإنسان، عن طريق حليب البقر مثلا أو لعابها، مشددا على ضرورة التحرك لاتخاذ إجراءات من شأنها محاصرة الداء لعدم انتقاله بين المناطق، خاصة بعد قرار السلطات وقف حملات صيد الحيوانات الضالة، وهي حملة لا بد من مرافقتها بعملية القضاء على أماكن رمي الفضلات غير المراقبة. وكانت وزارة الصحة قد أمرت مسؤوليها المحليين، بالتنسيق مع ولاة الجمهورية، لاستغلال الإمكانيات المادية والبشرية التي تم تسخيرها لمواجهة داء الكلب، بعد أن عرف خلال السنوات الأخيرة، انتشارا بسبب عزوف مربي الحيوانات على تلقيح هذه الأخيرة. مشددة على ضرورة العمل أيضا مع قطاعات التربية الوطنية والتكوين المهني والشؤون الدينية والاتصال وكذا الفلاحة والجماعات المحلية والمجتمع المدني لمواجهة الداء، بالنظر إلى دورها الفعال في تحسيس الأشخاص. وسجلت الوزارة ارتفاعا في عدد الوفيات المرتبطة بداء الكَلَبْ، بحوالي 15 حالة وفاة سنويا مقابل 900 إصابة بالكَلَبْ، كما أن أكثر من 120 ألف شخص معرض سنويا لهذا الداء رغم ترسانة الإجراءات الوقائية الموجودة ووفرة اللقاح المضاد للكَلَبْ على مستوى مختلف المؤسسات الاستشفائية.