لم يعد إخضاع المركبات، من سيارات سياحية وشاحنات نفعية، للمراقبة التقنية الإجبارية بالعملية العادية التي يجريها المواطن في دقائق أوساعات قليلة، وإنما أصبح هاجسا يؤرّق السّائقين، ويزيدهم قلقا بمجرد اقتراب موعد إجرائه، ويصبح كابوسا عندما تنطلق رحلة البحث عن مركز مراقبة تقنية للسيارات، نظرا للاكتظاظ والطوابير اللامتناهية التي تفرض على السائقين الانتظار ساعات أو حتى المبيت أمام المركز. وبينما ينتظر سائقون إجراء الفحص التقني، فإن آخرين تهافتوا، أول أمس، على مصالح الضرائب ومراكز البريد لاقتناء قسيمة السيارات، التي مُدّد أجلها إلى غاية يوم السبت الفارط، بعدما كان مقررا أن ينتهي في 31 مارس، في حين ينتظر أن يدفع المتأخرون غرامات في حال اقتنائها بداية من اليوم.
المبيت في السّيارة وعلى الرصيف لإجراء الفحص التقني!
تجاوزت مدة انتظار الجزائريين إجراء فحص تقني لسياراتهم اليومين في بعض المناطق، على غرار العاصمة، حيث يُضطرون إلى الاستغناء عن سياراتهم وركنها أمام مراكز المراقبة التقنية لأكثر من 48 ساعة كاملة، ويتداولون فيما بينهم خبر بداية الفحص، أما المحظوظون فهم الذين يتمكنون من الحصول على وساطة مع عامل بالمركز!
تزامنت الجولة التي أجريناها مع نهاية الشهر، حيث إن أغلب مراكز المراقبة التقنية للسيارات تكون قد استنفدت الحصة المخصصة لها من الاستمارات التي يحضرونها من المطبعة الرسمية بالرويبة، وبالتالي تغلق أبوابها أمام السائقين الراغبين في إجراء الفحص لسياراتهم إلى غاية بداية الشهر.
ولدى تنقلنا إلى المركز التقني بدالي ابراهيم، وقفنا على العدد الهائل من السيارات التي كانت تنتظر دورها، رغم أن أبواب المركز كانت مغلقة، وأوضح لنا عامل بذات المركز بأن السائقين قدموا منذ أول أمس الجمعة، يركنون سياراتهم ويتركونها ليلتين متتاليتين أمام المركز، على أن يأتوا، اليوم الأحد، لإجراء الفحص.
وأضاف نفس المتحدث بأن مسؤولي المركز يحضّرون الاستمارات من مطبعة الرويبة صباح اليوم، على أن تكون جاهزة في نهاية الصبيحة أو الظهيرة، وعليه فإن الفحص لن ينطلق في الساعات الأولى من اليوم.
وعن الإمكانيات التقنية التي يتوفر عليها المركز، وفيما إذا كان قادرا على استقبال أكثر من الحصة المقدرة بحوالي 1500 سيارة في الشهر، قال المتحدث إن الأجهزة والعمال قادرون على ذلك، لكن عليهم احترام الحصة، والتي تقسم على عدد أيام الشهر مع عدم احتساب أيام العطل، بحيث يتم فحص من 35 إلى 40 سيارة يوميا أو أكثر بقليل.
وبينما كنا متواجدين أمام المركز، صارحنا مواطن بأن الفحص التقني الخاص بسيارته انتهت صلاحيته منذ ما يزيد عن الأسبوع، حيث كان يأتي في الصباح الباكر، ولكنه لا يتمكن من الظفر بمكان، مؤكدا أن من يأتي بعد الساعة الرابعة صباحا، أي قبل صلاة الفجر، لا يمكنه فحص سيارته، متسائلا عن السبب وراء تحديد حصة السيارات لتلك المراكز، خاصة وأنها وثيقة ضرورية لقيادة السيارة! أما آخر فقال إنه أحضر سيارة أخيه نظرا لكون هذا الأخير مشغولا، فيما أكد أن آخرين لا يتوانون عن طلب هذه الخدمة من أصدقاء مقابل مبلغ مالي، في حين يعتبر الذين لهم سابق معرفة بصاحب المركز أو أحد الأعوان العاملين به محظوظين.
أما المركز التقني للسيارات بأولاد فايت فكان مقفلا، وعلى الباب الخارجي وضعت لافتة مكتوب عليها "إلى يوم الأحد 2 أفريل 2017"، ورغم ذلك فإن عددا من السيارات كانت مركونة أمام المركز، ونفس الشيء بالنسبة للشراڤة وبرج الكيفان، حيث إن الضغط كبير، إلى درجة أن السائقين يستغنون عن سياراتهم ليومين متتاليين من أجل التمكن من فحص سياراتهم.