يتجه المنتخب الجزائري، يوم العاشر نوفمبر المقبل، إلى تسجيل رقم قياسي جديد من حيث الوتيرة المتسارعة في تغيير المدربين، يعكس حالة الهوان التي تعيشها الكرة الجزائرية، من خلال واجهة المنتخب الأول، منذ الإنتهاء من المشاركة في مونديال البرازيل 2014. سيكون رابح ماجر، الذي سيتم تنصيبه غدا الخميس بصفة رسمية على رأس العارضة الفنية ل"الخضر" رابع مدرّب وطني خلال سنة واحدة فقط، وسيتزامن عودة "صاحب العقب" الذهبي والتاريخي، للظهور على مقعد بدلاء المنتخب الأول في مباراة نيجيريا، مع ترسيم مرور أربعة مدربين على العارضة الفنية ل"الخضر" خلال ست مباريات فقط للمجموعة الثانية ضمن تصفيات مونديال روسيا، فقد كانت الإنطلاقة في المباراة الأولى أمام الكامرون، خلال السنة الماضية، مع المدرب الصربي ميلوفان رايفاتس، الذي دفعه اللاعبون مرغما نحون الباب الخروج، ليخلفه البلجيكي جورج ليكنس في المباراة الثانية أمام نيجيريا بملعب هذا الأخير، قبل أن يغادر أيضا عقب الإخفاق في "كان 2017"، ورحل معه، بسبب النكسة الكروية، رئيس "الفاف" محمد روراوة حين تزالت النكسات وكثرت المهازل مع انتهاء عهدته. ولم يشذ خليفة روراوة عن القاعدة منذ مارس الماضي، فقد خسر خير الدين زطشي رهان "خيار المدرب الوطني"، وصدم كل الجزائريين بخياره الأحادي والإرتجالي الذي ورثه عن روراوة، وفرض على المنتخب الأول الإسباني لوكاس ألكاراز ومنحه فرصة تدريب أول منتخب في مشواره، ما ترتب عنه سقوط حرا وسريعا للكرة الجزائرية، في مشهد عكس حالة الهوان الذي أصاب المنتخب المونديالي والإهانة التي لحقت ب"محاربي الصحراء، في وقت قياسي، حوّلتهم من مفخرة العرب في أكبر المحافل الكروية الدولية إلى مسخرة، حين أضحى حال المنتخب الجزائري تكبد الخسارة تلو الأخرى. إعلان حالة الطوارئ بسبب "فضيحة خيار ألكاراز"، جعل الرئيس الجديد للإتحادية يسارع للتعاقد مع رابح ماجر وتعيين أعضاء جدد في الطاقم الفني وحتى على مستوى المديرية الفنية الوطنية، واهتدى زطشي، وهو تحت الضغط، إلى الخيارات الصحيحة، واقترح رابح سعدان وبوعلام شارف ومزيان إيغيل وجمال مناد من التقنيين المحليين وألبسهم ثوب المنقذين، غير أنه جعل على رأس الطاقم الفني للمنتخب الأول، نجما كرويا سابقا فاقد للخبرة وللكفاءة، وقدّر رئيس الإتحادية بأن "اسم" ماجر وماضيه كلاعب كبير كفيل بجعل المنتخب يعود إلى الواجهة، وهو خيار فرض، بالمقابل، على المنتخب الوطني، رابع مدرب في تصفيات كشفت عيوب المسريين الحاليين والسابقين للإتحادية الذين قضوا على أمل تصدّر الكرة الإفريقية والتألق أمام عمالقة الكرة العالمية لسنوات، بسبب غياب بُعد النظر والإحترافية وتهميش الكفاءات والقرارات الإرتجالية الفاقدة للمعايير. ويشبه حال المنتخب الأول في الوقت الحالي وهو يمرّ بأسوأ أيامه بعد ثلاث سنوات عن عهد المجد في المونديال البرازيلي، ما شهده مباشرة بعد الإنتهاء من المشاركة في مونديال جنوب إفريقيا مع رابح سعدان في 2010، وكأن الوضعية الراهنة هي نسخة طبق الأصل لسابقتها، فقد حرص محمد روراوة إلى جعل "الشيخ" سعدان، يغادر العارضة الفنية ل"الخضر" بأي شكل وتقزيم صنيعه أمام "الفراعنة" وفي "كان 2010" وفي المونديال أيضا، وترك سعدان مكانه مضطرا بعد التعثر أمام تنزانيا للمدرب المحلي عبد الحق بن شيخة، غير أن الأخير تلقى "هدية مسمومة" من رئيس "الفاف"، ما عجّل برحيله، بعد تبخر حلم المشاركة في "كان 2012"، وتم الإستنجاد بثالث مدرب خلال التصفيات، وهو وحيد حاليلوزيتش الذي صنع خلال ثلاث سنوات من العمل أفراح الجزائريين مثلما صنعها سعدان قبله في نفس المدة. ضريبة غياب الإستقرار على مستوى العارضة الفنية ل"الخضر" وإهمال الكفاءات على مستوى كل المديريات، لم يكن وليد اليوم، فقد دشن روراوة عهدته الأولى في 2001 على رأس "الفاف" بنفس السياسة الإرتجالية والقرارات الأحادية والتغيير المستمر للمدربين وفقا للمزاج، وأعلن روراوة وقتها "الحرب" على التقنيين المحليين، فأقال رابح ماجر الذي كان أول ضحاياه، ثم استنجد برابح سعدان عقب رحيل البلجيكي جورج ليكنس المفاجئ عن المنتخب قبل "كان 2004"، غير أن "هواية التغيير" جعل سعدان ومعه بوعلام شارف يغادران بعد دورة مشرفة بتونس، وما ترتب عن ذلك مهزلة "جورج ليكنس" التقني البلجيكي الذي فضله روراوة على الكفاءات المحلية، ما جعله، يعود مضطرا للتقني المحلي علي فرقاني، في صورة عكست حقيقة المكانة التي يحظى بها التقنيون المحليون لدى مسؤولي الإتحادية، الذين يرون فيهم "رجال إطفاء" في كل مرة اضطروا إلى امتصاص غضب الشارع لتغطية عيوب وعورات تسييرهم الذي حطم أي مشروع ناجح.