نفى وزير المالية، عبد الرحمن راوية، أن تكون الحكومة بصدد التضييق على وسائل الإعلام عبر سوق الإشهار، من خلال إجبار المؤسسات والشركات طبقا لمشروع قانون المالية 2019، على تقليص رقم أعمالها الموجهة للإعلانات وإلا فرض الضرائب عليها. ضمن الأحكام الجبائية من مشروع القانون في الباب المتعلق ب"الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة"، تشير المادة الرابعة إلى تعديل شمل المادة 169 من قانون الضرائب المباشرة. وقد شمل التغيير الفقرة الرابعة للمادة التي تتحدث عن المصاريف المرتبطة بترقية المنتجات التي ليست قابلة للخصم على الصعيد الجبائي إلا في حدود 2.5 بالمائة من رقم الأعمال السنوي. وأدرجت الحكومة هذا التعديل، حسب نص المادة "بالأخص في فئة نفقات ترقية المنتجات المرتبطة بالإشهار تحت أي شكل من الأشكال ومصاريف إطلاق المنتجات. وفي عرض الأسباب، قالت الحكومة إنه بموجب المادة 169 من قانون الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة، عدّد المشرّع قائمة بعض الأعباء غير القابلة للخصم أو التي يحدد خصمها بمبلغ معيّن مثل الهدايا والهبات والإعانات. لكن وزير المالية، عبد الرحمن راوية، الذي أبدى استغرابا من سؤال صحفي بخصوص فرض ضرائب جديدة على المؤسسات والشركات في شق الإعلان عن منتوجاتها، نفى أن يكون الغرض هو التضييق بصورة غير مباشرة، وأوضح قائلا: "المؤسسات مهما كانت لها نسبة تمويل تخصّصها لإعلاناتها، وسيكون هنالك رسم على نسبة معيّنة، وهذا الإجراء معمول به في كل دول العالم". ويهدف التدبير، حسب مشروع قانون المالية، إلى "إتمام هذه القائمة بتحديد المصاريف المرتبطة بتطوير بعض المنتجات السلع والخدمات بنسبة قدرها 2.5 بالمائة من رقم الأعمال". وأضافت الوثيقة: "ومن خلال هذا التدبير المقترح، نسعى إلى الحد من التجاوزات الملحوظة في هذا المجال التي تؤدي إلى تقليص الأساس الخاضع للضريبة". ويقترح هذا التدبير، طبقا للمصدر، "استثناء الخصم من الربح الجبائي للمصاريف التي تتكفل بها مؤسسة بدلا من شخص آخر دون أن يكون لهذا التكفل علاقات بنشاط الشركة، ودون أن يكون مبررا على الصعيد الاقتصادي (زيادة رقم الأعمال وأرباح الشركة)". وكان رقم الأعمال الذي تخصصه الشركات الاقتصادية لإعلان منتجاتها في شكل "إشهار إعلامي" خاضع إلى شبه "إعفاء ضريبي" إذا كانت النسبة تحت 2.5 بالمائة، لكن مع التدبير الجديد ستفرض الضريبة فوق 2.5 بالمائة، وبالتالي ستصبح الشركات مجبرة على تقليص الحصص المالية لحجم الإشهار تفاديا للضريبة. وما سينجر عن هذا التدبير، بكل بساطة، تأثر وسائل الإعلام وخصوصا الصحافة المكتوبة، وتقلص صفحات الإشهار التي تعتبر عصب الحياة واستمراريتها، ما دام مجال الإشهار أصبح جزء من الرسالة الإعلامية المعاصرة ونشاطا خدماتيا وموردا ماليا أساسيا لأطراف متعددة، فإضافة إلى دوره التجاري الصرف، غدا الإشهار يحمل خطابا معرفيا وثقافيا وفنيا، بل يعكس درجة تطور المجتمع وقدرته على الإبداع والخلق والابتكار. في المقابل، كشف وزير المالية عن "استمرار طبع الحكومة للنقود (التمويل غير التقليدي)، ولن يتوقف هذا الإجراء بل تم تمديده لثلاث سنوات أخرى، ولن يتوقف إلا في حالة تعافي أسعار المحروقات، ومع هذا ستخفف الحكومة طبع النقود ولن تتوقف". وبخصوص قيمة التحويلات الاجتماعية، سأل النائب عضو لجنة المالية، أحمد شريفي، وزير المالية، عن جدوى الرفع من قيمتها في ظل اتساع رقعة الفقر ب40 بالمائة، فأجاب الوزير، حسب تصريح شريفي ل"الخبر"، أنّ "الحكومة تفكر في إعادة توزيع هذه النفقات لمستحقيها الحقيقيين". ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية في المقابل، عن وزير المالية، أن "قطاعات الصناعة والبناء والأشغال العمومية والسكن والفلاحة وكذا الخدمات التجارية وغير التجارية ستساهم في تحفيز النمو سنة 2019 رغم تراجع قطاع المحروقات". وأوضح راوية أن "مشروع القانون يتوقع نموا ب2.9 بالمائة لسنة 2019 مقابل نمو خارج المحروقات ب3.2 بالمئة". ومقابل توقّع انخفاض صادرات المحروقات ب1 بالمئة من حيث الحجم إلى 33.2 مليار دولار سنة 2019، ينتظر أن يرتفع النمو خارج المحروقات من حيث الحجم بفضل مساهمة قطاعات البناء والأشغال العمومية والسكن ب4.7 بالمائة والصناعة ب5 بالمائة والفلاحة ب3.7 بالمائة والخدمات التجارية ب 4 بالمائة والخدمات غير التجارية ب1.8 بالمائة". وذكر الوزير أن "مشروع قانون المالية ل2019 يشكّل في العموم استمرارا للجهود التي تبذلها الدولة، من أجل التخفيف من الآثار السلبية لانكماش الموارد المالية على الاقتصاد الوطني في سياق يتميز بتوترات على توازنات البلاد الداخلية والخارجية بفعل تراجع أسعار النفط". ويكرّس مشروع القانون، حسب الوزير، مواصلة التحكم في الإنفاق العمومي قصد الحد من أثار هذه التوترات على الخزينة العمومية. وبعد عرض الوزير شرع أعضاء اللجنة في مناقشة تدابير مشروع القانون مع الوزير والمديرين المركزيين للوزارة.