رغم مؤشرات تحسن أسعار النفط على المدى المتوسط، تواجه الجزائر تحديا صعبا في حال عدم تحقيق تنوع فعلي لإيراداتها وضبط وارداتها بما يكفل لها ضمان نوع من التوازن في ميزانها التجاري وميزان المدفوعات، هذا الأخير سيظل يعاني من العجز في ظل عجز الحكومة عن إيجاد الوصفة الناجعة وتوقع مستوى عال من الواردات، حيث يتوقع مستوى 44 مليار دولار في قانون المالية 2019. ووفقا لتقديرات خبراء ماليين، فإن وتيرة تراجع احتياطي الصرف الجزائري التي ستتواصل باطراد ستجعل الجزائر غير قادرة على تغطية سوى نصف سنة من الواردات في غضون 2022، أي بعد أربع سنوات فحسب. وتفيد مصادر مالية ل"الخبر" بأن احتياطيات الصرف الجزائرية رغم تحسن أسعار النفط لن تغطي سنة من الواردات آفاق 2021، حيث يعرف الاحتياطي تراجعا محسوسا، وتفيد آخر التوقعات بتدني الاحتياطي إلى حدود 85 مليار دولار نهاية سبتمبر، في وقت تم الإعلان عن 88.61 مليار دولار في نهاية جوان 2018. وفيما أعلن بنك الجزائر عن تراجع احتياطي الصرف للجزائر إلى 88.61 مليار دولار إلى نهاية جوان 2018 مقابل 97.33 مليار دولار إلى نهاية ديسمبر 2017، أي بتقلص قيمته 8.72 مليار دولار خلال ستة (6) ستة أشهر، ثم كشف آخر التقديرات عن بلوغ الاحتياطي مستوى 85 مليار دولار إلى نهاية سبتمبر، يتضح أن وتيرة مستوى التراجع للاحتياطي تبقى معتبرة، حيث ينخفض بمعدل يفوق 1.5 إلى 1.6 مليار دولار شهريا. جدير بالإشارة أن وزير المالية، عبد الرحمان راوية، أعلن عن توقعات تفيد ببلوغ احتياطي الصرف 85.2 مليار دولار إلى نهاية 2018 (أو ما يعادل 18.8 شهر من الواردات) و79.7 مليار دولار في 2019 (18.4 شهر من الواردات)، قبل أن يصل إلى 76.2 مليار دولار في 2020 (17.8 شهر واردات). بالمقابل، فإن معدي قانون المالية 2019 توقعوا قيمة احتياطي الصرف ب62 مليار دولار في 2019 و47.8 مليار دولار في 2020 و33.8 مليار دولار في 2021، وهو مستوى أقل بكثير من التوقعات السابقة لوزير المالية، ما يكشف عن مستوى التراجع الذي يعرفه الاحتياطي، حيث لن يغطي الاحتياطي على أقصى تقدير 9 إلى 10 أشهر من الواردات في غضون 2021، ويرتقب ألا يغطي سوى نحو 6 أشهر من الواردات في غضون 2022. وتبقى توقعات الحكومة نسبية أمام عدم القدرة على التحكم في مجمل العوامل التي تؤثر على المؤشرات المالية والاقتصادية وإيرادات البلاد، فقد توقعت الحكومة عبر قانون المالية 2017 استقرار الاحتياطي في مستوى 113.3 مليار دولار في 2017 و107.9 مليار دولار في 2018. ولكن وتيرة نمو الاحتياطي ظلت سلبية، بل عرفت تراجعا متسارعا، حيث يعاني الاحتياطي الجزائري من عدة ضغوط، منها نسب المردودية الضعيفة للجزء الموظف كسندات خزينة أمريكية وحتى سندات سيادية ألمانية وأوروبية وتقلبات سعر الصرف، فضلا عن التراجع المعتبر لإيرادات سوناطراك وانكماش الاستثمارات الأجنبية المباشرة. وقد تدنى الاحتياطي دون 100 مليار دولار قبل نهاية سنة الحالية على عكس توقعات الحكومة، ما يكشف عن عدم التحكم في الكثير من المؤشرات، فضلا عن بقاء وضع الاقتصاد الجزائري غير متغير نسبيا. وسعت الحكومة، من خلال تدابير ضبط الواردات، سواء من خلال رخص الاستيراد أو تحديد قوائم الممنوعات من الاستيراد وتخفيض العجز وإقرار إجراءات جديدة في فتح الاعتماد المستندي الخاص بالاستيراد (تغطية بالعملة المحلية تقدر ب120 في المائة من قيمة السلعة ودفعها مدة شهر مسبقاً)، وأيضاً منع استيراد السيارات، إلى كبح التراجع السريع للاحتياطي، لكنها، وفقا لتوقعاتها الخاصة، لم تنجح في ذلك.