يعود بنك الجزائر، مرة أخرى، ليرفع الراية البيضاء أمام استفحال ظاهرة "الشكارة" ويعلن عن عجزه عن احتواء الأموال الموظفة في الأسواق الموازية والمكتنزة في البيوت من طرف الجزائريين، وهو ما أكدته تصريحات المسؤول الأول عن مديرية القروض والتنظيم البنكي بالبنك المركزي الذي اكتفى بالتأكيد على ارتفاع قيمتها إلى 31 بالمائة من إجمالي الكتلة النقدية المتداولة دون تقديم حلول ناجعة للتحكم مستقبلا في أموال الشكارة. وتأتي تصريحات المسؤول عن القروض في بنك الجزائر لتؤكد عجز الحكومة عن احتواء ظاهرة الأسواق الموازية واستقطاب الأموال المتداولة من طرف أصحابها الذين فضلوا استغلالها في نشاطات غير شرعية أو تكنزينها، رافضين بذلك إدخالها إلى البنوك الوطنية وتوظيفها لصالح الاقتصاد الوطني، لترتفع قيمتها إلى 4700 مليار دينار، وفقا لأرقام الحصيلة المالية والنقدية المقدمة من طرف بنك الجزائر للسداسي الأول لسنة 2018. وعوض تقديم بديل ملموس لمحاربة الظاهرة، اعترف مدير القرض والتنظيم البنكي بالبنك الجزائري، محمد لجبيب قوبي، في مداخلة ألقاها بمناسبة انعقاد الملتقى الأول للتأمين والمالية الإسلاميين، بأن حصة الكتلة النقدية المتداولة خارج القنوات البنكية التي فاقت 30 بالمائة من نسبة الادخار الوطني أضحت "عالية جدا"، مكتفيا بدعوة البنوك الوطنية إلى مضاعفة جهودها لاستقطاب هذه الموارد المالية قصد توظيفها في تعزيز قدراتها على تمويل النشاط الاقتصادي وخاصة الاستثمار. ورغم الإجراءات والتنظيمات الصادرة عن البنك المركزي، إلى جانب الترسانة القانونية الموضوعة من طرف الحكومة للتحكم في الأموال المعتبرة المتداولة خارج البنوك، إلا أن استمرار البنوك الوطنية والبنك المركزي في الاستنجاد بأموال أصحاب الشكارة للخروج من الأزمة المالية التي تتخبط فيها البلاد لأكبر دليل على عجز الحكومة عن احتواء الظاهرة. وأوضح قوبي، خلال مداخلة ألقاها في الملتقى الجزائري الأول للتأمين والمالية الإسلاميين، المنظم أول أمس، أنه "في سياق ضعف الموارد البنكية التقليدية تعتبر عملية جمع الموارد عن طريق تنويع وتكييف منتجات الادخار والتمويل لتلبية حاجيات كل فئات المتعاملين والمواطنين ضرورة إستراتيجية للاقتصاد الوطني". على صعيد آخر، أعلن المسؤول ذاته عن استعداد بنك الجزائر لنشر نظام جديد في الجريدة الرسمية يحدد القواعد المطبقة على منتجات التمويل التشاركي، أو ما يعرف بالصيرفة الإسلامية، وذلك بعد المصادقة عليه في مجلس القرض والنقد بداية الشهر الجاري. ويأتي إصدار النص الجديد، المرسم لبعض التعاملات البنكية الإسلامية، بعد تماطل بنك الجزائر في وضع الإطار القانوني الهادف لتعميم تسويق المنتجات الإسلامية في جميع البنوك العمومية.