«أضيعُ الأمم أمّة يختلف أبناؤها، فكيف بمَن يختلفون حتّى في كيف يختلفون؟”.. مقولة لمصطفى صادق الرّافعي، وهو أديب سوري الأصل مصري المولد، من أمراء النثر الفني في القرن العشرين، ومن أشهر المنافحين عن الفصحى وإعجاز القرآن، له مذهب أدبي خاص شايعه عليه ثلّة من أدباء مصر والعراق والشام. اشتهر بأصالة الفكر وجزالة اللغة وقوّة البيان حتّى لقّب “معجزة الأدب العربي”. ولد مصطفى صادق بن عبد الرزاق بن سعيد بن أحمد بن عبد القادر الرّافعي عام 1880م في قرية بهتيم (محافظة القليوبية) بمصر، لم يتجاوز في التعليم النظامي شهادة الابتدائية من مدرسة المنصورة، فقد ألمّ به مرض عضال أفقده السّمع، لكنّه كان واسع الطموح شديد الاعتداد بالنّفس عظيم الهمّة، فاندفع يقرأ في أمّهات التراث الأدبي والدّيني، مستعيضًا عن نعمة السّمع بنعمة النبوغ، فاستظهر “نهج البلاغة”، وبدأ يقول الشعر ولمَّا يبلغ العشرين، وصدر ديوانه الأوّل وهو في الثالثة والعشرين، كتب إليه الشّيخ محمد عبده وأطراه لطفي السيد وامتدحه حافظ إبراهيم، وقرّظ العقاد أسلوبه على ما كان بينهما من تباغض أدبي وتنافر مذهبي. كان يرى أنّ اللغة العربية بخصائصها المميّزة هي روح الأمّة، وهي قوام فكرها ووعاء ثقافتها، ويجب أن تصان عن الإسفاف والابتذال. تميّز أسلوبه بالقوّة والصّلابة وبثراء اللغة وكثرة المجازات والاستعارات والتفنّن في ابتكار الاشتقاق من الأفعال، والذّهاب بها كلّ مذهب في فضاء البيان الرّحب. ألّف كتبًا عديدة، منها: وحي القلم وتاريخ آداب العرب، وإعجاز القرآن والبلاغة النّبويّة. من أشهر أقواله وحكمه: “إذا لم تزد على الحياة شيئًا تكن أنت زائدًا عليها”، “أضيعُ الأمم أمة يختلف أبناؤها. فكيف بمن يختلفون حتى في كيف يختلفون؟”، “أفتدري ما السعادة، طفولةُ القلب!”، “ليس لامرأة فاضلة إلّا رجلها الواحد، فالرّجال جميعًا مصائبها إلّا واحدًا”، “آفة هذه القوانين أنّها لم تُسنّ لمنع الجريمة أن تقع، ولكن للعقاب عليها بعد وقوعها”، “فلسفتي أنّ الكبرياء على المتكبّرين أعلى التّواضع”، “الثّقة بالله أزكى أمل، والتّوكّل عليه أوفى عمل”، “الدّنيا كلمة ليس لها معنى أبدًا إلّا العافية”.