أود أن أوضح موقف إثيوبيا من التصريحات الخاطئة للرئيس دونالد ترامب بشأن سد النهضة الإثيوبي الكبير خلال محادثته الهاتفية مع رئيسي وزراء السودان ودولة إسرائيل في 23 أكتوبر2020. تعتقد إثيوبيا أن ملاحظة الرئيس بشأن السد لا تعكس العلاقة طويلة الأمد التي كانت قائمة بين إثيوبيا والولايات المتحدةالأمريكية على مدى أكثر من مائة عام الماضية. ولفائدة قراء هذه الجريدة الموقرة، أود أن أوضح بعض المفاهيم الخاطئة حول سد النهضة الإثيوبي الكبير. وفي هذا الصدد، أود أن أشير إلى أن اتهام الرئيس الأمريكي بأن إثيوبيا نكثت بالاتفاق الذي تم التوصل إليه مع مصر والسودان خاطئ على الإطلاق. حيث لم يتم التوصل إلى أي اتفاق في واشنطن لزعم وجود خرق لاتفاق بخصوص سد النهضة. في الواقع، أصدرت إثيوبيا بيانا في 29 فيفري 2020، أعربت فيه عن خيبة أملها من البيان الصادر عن وزارة الخزانة الأمريكية بشأن سد النهضة في 28 فيفري 2020، بعد اجتماع عقد دون مشاركة إثيوبيا. ورفضت إثيوبيا في هذه التصريحات قبول محتويات النص الذي يصف أن التفاوض على المبادئ التوجيهية والقواعد الخاصة بالتعبئة الأولية لسد النهضة والتشغيل السنوي له انتهى. لطالما اعتبرت إثيوبيا أن المبادئ التوجيهية والقواعد يجب أن يتم إعدادها من طرف البلدان الثلاثة، وهذا هو سبب رفضها للاعتراف ب"النص" الذي وقعته مصر بالأحرف الأولى. وأعربت إثيوبيا عن خيبة أملها الشديدة إزاء نية الرئيس الأمريكي استخدام العقوبات لإجبار إثيوبيا على التوقيع على "صفقة" غير عادلة تتعارض مع مصالحها المشروعة. إن التهديد بفرض عقوبات على إثيوبيا لممارستها حقها السيادي في استخدام مواردها الخاصة لإخراج الملايين من مواطنيها من الفقر لا يعد غير قانوني فحسب، بل إنه غير أخلاقي أيضا. لقد حشد الإثيوبيون من جميع أنحاء البلاد وحتى الجالية الإثيوبية بالخارج أنفسهم لتمويل هذا المشروع الوطني المميز لتحقيق آمالهم وتطلعاتهم في التنمية والازدهار. لا تبني إثيوبيا السد لمنع تدفق المياه إلى النيل، بل يتم بناء سد النهضة مع الالتزام الكامل بمبادئ القانون الدولي المقبولة. لطالما تبنت إثيوبيا التزامها الثابت بالاستخدام العادل والمعقول لموارد مياه النيل ومبدأ عدم التسبب في أي ضرر كبير. لا علاقة لبدء بناء سد النهضة بنية الاستفادة من الثورة في مصر كما يتم ادعاؤه. إنه مشروع تم تصوره منذ وقت طويل ولم تتمكن إثيوبيا من إطلاقه بسبب نقص الأموال بسبب الدور السلبي الذي لعبته مصر، بالضغط على المؤسسات المالية الدولية لعدم مساعدتنا في تمويل المشروع. وفي عام 2011 قررت إثيوبيا إطلاق المشروع برعاية إثيوبيين في الداخل والخارج. ومباشرة بعد إطلاق سد النهضة في أفريل 2011 اقترحت إثيوبيا بحسن نية وبطريقة غير مسبوقة إنشاء فريق دولي من الخبراء لتبادل المعلومات بشفافية ودراسة تأثير سد النهضة على دول المصب بمشاركة تامة من مصر والسودان. إنه لأمر مؤسف أن نرى ملاحظة متهورة وغير مسؤولة من الرئيس الأمريكي مفادها أنه بسبب الخلاف مع إثيوبيا بشأن المشروع "يمكن لمصر أن تنتهي إلى تفجير السد". وترفض إثيوبيا رفضا قاطعا مثل هذا التصريح الذي يرقى إلى مستوى التحريض على الحرب، لما له من انعكاسات خطيرة على السلام والاستقرار الإقليميين. قبلت إثيوبيا الدور الأمريكي بحسن نية على أمل أن تكون المسير النزيه في المناقشات الثلاثية لمساعدة الأطراف على الوصول إلى نتيجة مفيدة للطرفين، لكن النهج الحزبي الذي أظهره الرئيس الأمريكي بشكل واضح وعلني كان عقبة رئيسية، بجعله من الصعب على الأطراف تحقيق أي تقدم ذي مغزى في المناقشات الثلاثية التي جرت في العاصمة واشنطن. وكوسيلة للمضي قدما، تلتزم إثيوبيا بالحوار مع بلدان المصب بهدف معالجة مخاوفها وتحقيق نتيجة تعود بالفائدة على الأطراف. ولتحقيق هذه الغاية، تتطلع إثيوبيا إلى الأمام وتؤمن بأن العملية الجارية بقيادة الاتحاد الإفريقي ستسهم في تحقيق هذا الهدف بروح إيجاد حلول إفريقية للمشاكل الإفريقية. وقد عقدت المناقشات الجارية بطريقة ودية تحت رعاية الاتحاد الإفريقي وقد تم بالفعل إحراز بعض التقدم في هذا الصدد. تأمل إثيوبيا أن تساعد قمة مكتب الاتحاد الإفريقي، التي ستعقدها بجنوب إفريقيا، على المضي قدما في المناقشات. وترحب إثيوبيا بالبيانات الصادرة عن الأمين التنفيذي للهيئة الحكومية الدولية للتنمية IGAD ورئيس الاتحاد الإفريقي والممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، الذين أعربوا عن دعمهم الكامل للعملية التي يقودها الاتحاد الإفريقي لتسهيل الحوار والتفاوض بين الأطراف بهدف الوصول إلى اتفاق مقبول للطرفين. * سفير مفوض فوق العادة لجمهورية إثيوبيا الفيدرالية الديمقراطية