في تطور لافت في قضية الانقلاب العسكري بالنيجر، أعلنت الحكومة الانتقالية في نيامي الموافقة على بدء محادثات مع المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إكواس"، ما يفتح المجال لحل الأزمة عبر القنوات الدبلوماسية بدلا من التدخل العسكري، حيث يبدو أن الوساطات التي قادها مشايخ وعلماء من نيجيريا قد بدأت تؤتي أكلها، لكن فرص نجاح المفاوضات تبقى ضعيفة في ظل تباين سقف المطالب. وأبدى رئيس الوزراء المؤقت، محمد الأمين الزين، تفاؤله ببدء هذه المحادثات خلال الأيام القادمة، بعد أن أعطى رئيس المجلس العسكري الجنرال عبد الرحمن تشياني الضوء الأخضر للحوار مع مجموعة دول "إكواس". وأضاف الزين أن "المجلس الوطني لحماية الوطن" والحكومة الانتقالية يدينان "بشدة الحملة المضللة التي تخدم مصلحة شخص واحد وجماعته"، في إشارة إلى الرئيس المطاح به محمد بازوم وحكومته، مشيرا إلى أن "الهدف من هذه الحملة هو تقويض الثقة في السلطات الانتقالية وإفشال كل مساعي الحل التفاوضي للخروج من الأزمة لتبرير تدخل عسكري بقوة دولية باسم الإكواس." ويبدو أن جهود الوساطة التي قادها مشايخ وعلماء الدين من نيجيريا قد جاءت بنتائج إيجابية، حيث أكدوا أول أمس أنهم التقوا مع قادة المجلس العسكري واتفقوا معهم على تكثيف الحوار لحل الأزمة. وواصل المشايخ جهودهم ورفَعوا توصية إلى السلطات بنيجيريا من أجل تجنب اللجوء إلى الحل العسكري. وفي هذا السياق، قال رئيس وفد الوساطة الشيخ عبد الله بالا لاو، في بيان تناقلته العديد من وسائل الإعلام بالنيجرونيجيريا، إن قائد المجلس العسكري عبد الرحمان تياني أبلغه أن "بابه مفتوح للبحث في مسار الدبلوماسية والسلام من أجل حل الأزمة". ويقوم وفد المشايخ بهذه الوساطة بموافقة رئيس نيجيريا بولا أحمد تينوبو الذي يتولى حاليا الرئاسة الدورية لمجموعة "إكواس". ولا شك أن "إكواس" ستطالب بإطلاق سراح الرئيس المحجوز بازوم وبحث آفاق استعادة النظام الدستوري، بينما سيطالب المجلس العسكري برفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على الشعب النيجري والتي أدت إلى ارتفاع غير مسبوق في أسعار المواد الغذائية في هذا البلد الذي يصنف من أفقر بلدان العالم. ومن أجل التوصل إلى أرضية مشتركة يبدو أن بلوغها يفرض تقديم تنازلات من الطرفين، والسؤال الذي يطرح نفسه في هذه الحالة ما هو سقف التنازلات بالنسبة للطرفين؟ وهل سيقبل المجلس العسكري الذي يحضر لمحاكمة محمد بازوم بتهمة الخيانة العظمى التنازل عن السلطة لصالح عودة بازوم؟ وهل ستقبل مجموعة "إكواس" بالانقلاب وتطالب في مقابل ذلك بعملية سياسية؟ وهل ستقبل فرنسا بهذه التنازلات؟ في المقابل الحل العسكري في النيجر تقابله العديد من المعيقات لأسباب موضوعية، مرتبطة بتباين مواقف الدول داخل مجموعة "إكواس" بين المتحمس للخطوة العسكرية وبين المتردد وبين الرافض، إلى جانب رفض واسع من طرف الطبقة السياسية والشعبية في العديد من دول المجموعة. لكن الضغط الفرنسي يمكن أن يدفع دولا مثل السنغال وكوت ديفوار والبنين وإلى حد ما نيجيريا للانخراط في المغامرة العسكرية على حساب جهود الحل السياسي الذي لن يكون وفق ما تشتهيه فرنسا، أي حل يضمن عودة بازوم إلى الحكم في ظل الدعم الشعبي الذي يتمتع به المجلس العسكري في النيجر والمساندة التي تلقاها من طرف جيرانه في مالي وبوركينافاسو.