البساطة ميزة كسكسي الولاية ومزج الأذواق خاصية اللذة البساطة والخفة هما أهم ما يميز طبق الكسكسي الخاص بمدينة سطيف، هذا أول ما رددته الحرفية زاوي الضاوية مشاركة في المهرجان الوطني لإبداعات المرأة الذي جاء ليثمن إبداعات الجزائرية من حيث فن الطبخ والمائدة. أشارت الحرفية الضاوية خلال حديثها إلينا، أن كسكسي ولاية سطيف يختلف تماما عن نظيره في باقي الولايات، ورغم أنه يحمل نفس التسمية إلا أن اختلافه يظهر منذ فتله وصولا إلى تحضيره. فأساس تحضير الكسكسي السطايفي والمعروف ب "البربوشة" هو عدم الإكثار من التوابل والبهارات القوية، وهو ما يجعل هذا الطبق يتميز بالخفة والذوق البسيط، وعلى عكس أغلبية أنواع الكسكسي المشهورة بتنوع الخضار يبقى سكان مدينة سطيف يفضلون عدم تنويع الخضروات وإبقاء مرقهم بسيطا، حيث يستعملون فقط الخرشف واللفت السعيدي وهو نوع محلي من اللفت يتميز بالمذاق المر وله نكهة قوية ورائحة تفتح الشهية، يزرع هذا النوع تحديدا بالهضاب العليا. وتصف الحرفية سر لذة الكسكسي رغم خفته فتقول: "غالبا ما يتم اختيار لحم الخروف الذي يوضع مع البصل والحمص ويتبل بالقليل من القرفة والفلفل الأبيض، حسب الرغبة ويكون المرق أحمرا بسبب استعمال القليل من الطماطم المعلبة، أما الخضار فيتم استعمال اللفت السعيدي المر والحار في آن واحد والخرشف والكزبرة المسحوقة. بعد ذلك يتم تحضير حبات الكسكسي المتوسطة بطهيها على البخار عدة مرات حتى تلين ليتم في الأخير دهنه ب«الدهان" وهو عبارة عن زبدة البقرة الطبيعية الخفيفة التي تكون مملحة وتضفي ذوقا رائعا على الطبق. كما أننا نلجأ لتحضير كل مكونات المرق عشية تحضيره بدمج كل المقادير مع اللحم وتركها تتعطر بالتوابل والبصل والثوم ليلة كاملة". أما خلال شهر رمضان الكريم فتقول الحرفية إن أجواءه في مدينة سطيف تتمتع بالروح العائلية والمحبة والأخوة، حيث ما تزال العائلات بالمنطقة متمسكة بعادة زيارة الأهل والجيران قبل وبعد الفطور لتبادل الأطباق وتذوق أخرى مع تبادل الوصفات الجديدة، كما تحافظ الأسرة السطايفية على سهرة رمضان بتنظيم قعدات يرحب فيها بالضيف من الأهل والصديق والجار، للجلوس أمام صينية القهوة والشاي ومختلف الحلويات. من جهة أخرى، حدثتنا الحرفية عن طبق ثان مشهور بالمنطقة التي تحضره العائلة بمناسبة يوم عيد الفطر وهو المفرمسة الذي اشتق من شخشوخة بسكرة المشهورة، يتشابهان من حيث التحضير، حيث استوحت بعض النسوة وصفته من الشخشوخة إلا أن الاختلاف يكمن في أن المفرمسة تتميز بالتوليفة بين المذاقين المالح والحلو في آن واحد وطعم الحلاوة تعطيها مادة الغرس (المشتق من التمر) التي توضع في الصلصة عند وصولها إلى مستوى النضج، والغرس عبارة عن عجينة مسكرة تصنع من التمر والمشمش المجفف الذي يغلى ويمزج مع التمر للحصول على عجينة متجانسة، حيث توضع في الطبق ليتكون مذاق حلو وحار وحامض في آن واحد، وتضفي كل الفرق بين المفرمسة والشخشوخة البسكرية، ويتم تزيين طبق المفرمسة بالعنب المجفف "الزبيب" بعد طهيه على البخار. وتقول الحرفية أن هذا الطبق طبقٌ احتفالي وذو شعبية كبيرة، وهناك العديد من الوصفات لتحضيره وفقا لخصوصية كل منطقة إلا أن التشابه هو تلك العجينة الذهبية المقطعة إلى أجزاء متفاوتة الحجم المعروفة بالشخشوخة.