من المرتقب أن تعوض مادة جديدة المادة 87 مكرر الملغاة مؤخرا من قانون المالية، وذلك لتحديد الآليات الجديدة التي سيتم من خلالها احتساب الأجر الوطني الأدنى، وهو ما سينعكس بالايجاب على فئات عريضة من العمال. ومنذ الإعلان عن إلغاء المادة التي كانت محور نقاشات واسعة في اجتماعات الثلاثية بين الحكومة وأرباب العمل والمركزية النقابية، دارت تساؤلات عديدة في الأوساط العمالية حول من سيستفيد من هذا الالغاء وانعكاسات هذا الالغاء على أجور العمال والموظفين. وجاء تصريح وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، محمد الغازي، مؤخرا ليوضح التباسا ساد مباشرة بعد أن تم ترسيم قرار إلغاء هذه المادة من قانون العمل في مجلس الوزراء الأخير. فالبعض اعتبر أن إلغاءها يعني سقوط المادة تماما من القانون وبالتالي استفادة كل العمال بدون استثناء من زيادات في الأجور، لكن تصريح وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، جاء ليؤكد تصريحات سابقة للوزير الأول السيد عبد المالك سلال، الذي أكد أن المادة لن تلغى وإنما ستعدّل. وقال السيد محمد الغازي، أنه سيتم إعادة تحديد الأجر الوطني الأدنى المضمون بموجب مادة جديدة تحل محل المادة 87 مكرر التي سيتم إلغاؤها، موضحا في تصريحات صحفية أن "مشروع قانون المالية لسنة 2015 أدرج إجراء يؤكد صراحة إلغاء المادة 87 مكرر من قانون العمل طبقا لقرار رئيس الجمهورية لتستبدل بمادة أخرى في قانون العمل الجديد". وحسب الوزير فإن أثر إلغاء المادة "سيمس كل فئات الأجراء المعنيين بالأجر الوطني الأدنى المضمون"، وهو ما يدعم ما جاء في بيان مجلس الوزراء الذي قال إن الالغاء سيسمح بتحسين أجور "الطبقات الفقيرة" بطريقة محسوسة. وكان الاعلان عن إلغاء المادة قد تم لأول مرة في الرسالة التي وجهها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، للعمال بمناسبة عيدهم العالمي في الفاتح ماي الماضي، حين كشف عن اللجوء إلى هذه المادة التي ستسمح برفع أجور الآلاف من العمال. وإثر هذا الاعلان وما أعقبه من ردود فعل على كافة المستويات، أوضح الوزير الأول عبد المالك سلال، أنه لا حديث عن إلغاء المادة 87 مكرر من قانون العمل، وإنما عن خضوعها لتعديل معمق من أجل تحديد مستوى الأجر الوطني الأدنى المضمون، وقال إن الحكومة ستقترح على البرلمان إجراء هذا التعديل. وهو ما سيتم حسب ماجاء على لسان وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، ضمن مراجعة قانون العمل التي يجري التحضير لها، ومرتقب أن يتم الانتهاء منها خلال هذا الدخول الاجتماعي. وفي هذا السياق تم تشكيل فوج عمل مشترك على مستوى الوزارة المعنية كلف بمهمة دراسة الأثر المالي لإصلاح المادة 87 مكرر من قانون العمل. وأظهرت التقارير التي خرج بها أن إصلاح المادة 87 مكرر لها انعكاسات مالية كبيرة على ميزانية الدولة. وهو الأمر الذي يقف وراء تفضيل الحكومة لصيغة وضع مادة جديدة تعوض تلك الملغاة بدل إلغائها تماما. للتذكير فإن المادة 87 مكرر تنص على أن الأجر الوطني الأدنى المضمون يتضمن الأجر القاعدي والتعويضات و المنح باستثناء التعويضات الممنوحة في إطار تسديد النفقات التي يتحملها العامل. وهي المادة التي اعتبرت كمعرقل حقيقي لاستفادة شريحة هامة من العمال من زيادات في الأجور كلما ارتفع الأجر الوطني الأدنى الذي تضاعف في السنوات الأخيرة ليصل حاليا إلى 18 ألف دج. لكن وجود المادة 87 مكرر في قانون العمل جعل من أثر الزيادة في الأجر الأدنى مقتصرا على فئات قليلة بعضها ممن يتقاضون أجورا عالية، وهو ما اعتبر إجحافا في حق ملايين العمال الذين كانوا يستبشرون بقرارات الثلاثية كلما تعلق الأمر برفع الحد الأدنى المضمون من الأجور. وتشكل تفاصيل وآليات المادة الجديدة التي سيتضمنها قانون العمل الجديد محور اهتمام عالم الشغل حاليا، لاسيما في حال تطبيقها بأثر رجعي كما كان مقررا سابقا.