قد تكون الجزائر شهر أكتوبر القادم مع موعد آخر من مواعيد الدبلوماسية الجزائرية التي عودتنا على النجاح في مهمتها، خاصة فيما يتعلق بالوساطات وتقريب وجهات نظر الفرقاء المتنازعين، بغية إيصال كل الأطراف إلى تسوية ترضي الجميع وتجنب بلدانهم المزيد من الدمار. وفي هذا السياق، وموازاة مع المفاوضات الجارية بين الفرقاء الماليين، ينتظر أن ترعى الجزائر الشهر القادم الحوار بين الفرقاء السياسيين الليبيين، بهدف البحث عن حل سياسي يعيد الاستقرار والسلم إلى ربوع هذا البلد الشقيق الذي يعيش وضعا غير مستقر من شأنه أن يعصف بوحدته الوطنية ويغرقه في دوامة صراعات لا مخرج لها، إذا لم يسارع الفرقاء في ليبيا إلى الجلوس إلى طاولة الحوار وحل كل الخلافات بالطرق السلمية في إطار تسوية ترضي الجميع، قد تتطلب تنازلات من هذا الطرف أو ذاك، لكنها تضمن وحدة ليبيا واستقرارها. والجزائر التي تفتح ذراعيها للأشقاء وتتبنى كل المبادرات السلمية التي تعزز أمن واستقرار المنطقة، لن تدّخر أي جهد للأخذ بأيدي الأشقاء الليبيين ومحاولة تقريب وجهات نظرهم بتقليص فجوة الخلافات من خلال حوار شامل يفضي إلى مصالحة وطنية ينشدها الليبيون. كما تصر الجزائر موازاة مع مبادرة تشجيع الحوار بين كافة القوى الوطنية الليبية، على عدم التدخل العسكري في هذا البلد تفاديا لانزلاقات أخرى قد تعقّد الوضع أكثر وتفتحه على كل الاحتمالات التي ستكون عواقبها بدون شك وخيمة على بلدان الجوار والمنطقة ككل، خاصة إذا استمر انتشار السلاح بمختلف أنواعه ووقوعه في يد الجماعات الإرهابية التي تهدد منطقة الساحل والأمن الإقليمي عموما. إن الجزائر التي حذّرت في السابق مما وقع الآن في ليبيا ترى أن العمق الاستراتيجي لأمنها يبدأ من ليبيا، والعكس صحيح، حيث تستمد ليبيا أمنها من العمق الاستراتيجي بالجزائر. وبالتالي فإن أمن واستقرار الجزائر بإمكانه أن يخدم الأمن والاستقرار في ليبيا وكل دول الجوار. ويضمن استقرار المنطقة باعتبار الجزائر دولة محورية في المنطقة ودورها أصبح أكثر من ضروري لضمان التوازن الإقليمي والأمن والاستقرار في المنطقة بكاملها.