لم يقتصر التألق في العام المنقضي على "محاربي الصحراء"، بل شمل رياضات أخرى يجدر التنويه بحضورها المميّز بعدما رفعت الراية الوطنية عاليا في مختلف المحافل الدولية، ويتعلق الأمر بكرة اليد والملاكمة والدراجات التي برزت قاريا وعربيا. وتبقى هذه الانجازات بمثابة الشجرة التي تغطي الغابة، في ظل استمرار إخفاق غير مبرر يطرح الكثير من علامات الاستفهام لرياضات كانت مصدر افتخار واعتزاز الجزائريين أبرزها ألعاب القوى. لا نقاش في أن المنتخب الوطني لكرة اليد، هو النجم الأول للرياضة الجزائرية خلال عام 2014، فقد أكد صحة اختصاص الكرة الصغيرة الجزائرية مقارنة بالرياضات الأخرى، بعد تربعه على عرش القارة السمراء بعد فوز السباعي الجزائري ببطولة إفريقيا للأمم (كان 2014) بالجزائر العاصمة . وتمكن المنتخب الوطني من افتكاك لقب كأس أمم إفريقيا للمرة السابعة في مشواره، وذلك عقب فوزه على المنتخب التونسي في اللقاء النهائي الذي جرى يوم 26 جانفي الماضي بقاعة حرشة حسان بنتيجة (25 مقابل 21).وجاء هذا التتويج بعد مشوار جيد في هذه الدورة، أين فاز بكل المباريات التي لعبها، وكان الفوز في المباراة النهائية بمثابة المفاجأة التي لم تكن متوقعة، خاصة وأن المنتخب التونسي كان أكبر المرشحين لنيل هذا اللقب. السباعي الجزائري الذي يعد نجم الرياضة الجزائرية لسنة 2014 دون منازع، كان قد أهدى التتويج إلى الشعب الجزائري، وكان قد تلقى تشجيعات الوزير الأول عبد المالك سلال، في حفل شرفي كما أكد أن ذلك التتويج هو ثمرة عمل كبير مع الطاقم التقني بقيادة زقيلي، الذي ينوي البروز والتألق مرة أخرى في منافسات كأس العالم المقررة بالدوحة القطرية من 15 جانفي إلى 1 فيفري المقبل. وخلافا للكرة الصغيرة فإن سنة 2014، جاءت غثة بالنسبة للرياضات الجماعية الأخرى لاسيما الكرة الطائرة وكرة السلة، حتى وأن نجح المجمع البترولي في التتويج بلقب بطولة إفريقيا للأندية البطلة للكرة الطائرة (سيدات)، والمنتخب الوطني لأقل من 18 عاما (ذكور) لكرة السلة بالميدالية البرونزية للبطولة العربية التي جرت بمصر. فالجزائر أخفقت في التأهل إلى مونديال 2014 للرجال للكرة الطائرة، الأمر نفسه بالنسبة للسيدات اللائي لم ينجحن في اقتطاع ورقة المرور إلى كأس العالم 2014، التي طرحت للمنافسة في الدورة التأهيلية الخاصة بمنطقة إفريقيا التي جرت من 23 فيفري إلى الفاتح مارس الماضيين بالجزائر. الملكة الصغيرة (الدراجات).. تتألق بامتياز بالمقابل، تزين سجل الرياضة الجزائرية هذا العام أيضا بألقاب أخرى حققتها بعض الرياضات الفردية مثل الدراجات التي حصدت في البطولة العربية التي أقيمت في عنابة 7 ميداليات من المعدن النفيس. وإلى جانب هذا التتويج، أصبحت الجزائر بعد احتضانها للطواف الدولي الذي جرى شهر مارس الماضي، من بين الدول الرائدة في هذا التخصص الرياضي وذلك بعد التنظيم المحكم الذي مس كافة الأصعدة.وعرف طواف 2014 الذي جرى عبر 22 ولاية ومر خلاله المتسابقون على 350 بلدية، مشاركة حوالي 20 فريقا، منها 12 تشكيلة أوروبية، أربع إفريقية ومثيلتها جزائرية ويتعلق الأمر بكل من الجزائر، المغرب، هولندا، ألمانيا، فرنسا، إنجلترا، الدانمارك وإريتيريا.واعتبر وزير الرياضة محمد تهمي، أن طواف الجزائر يسوق لصورة الجزائر السياحية وإبراز مميزاتها الثقافية، وقال: "هذه التظاهرة الدولية التي أصبحت موعدا تقليديا في الرزنامة التنافسية للاتحاديتين الدولية والوطنية للفرع تشكل حدثا ذا أولوية للسلطات العمومية بهدف إعطاء صورة جميلة عن الرياضة والسياحة في بلدنا". وإلى جانب النتائج الايجابية المتحصل عليها في طواف الجزائر تمكن المنتخب الوطني أيضا من افتكاك 14 ميدالية منها (7 ذهبيات، 4 فضيات وبرونزية واحدة) خلال مشاركته في البطولة الإفريقية التي جرت بعنابة شهر أكتوبر الماضي. سنة تاريخية بامتياز للملاكمة ونفس الأمر بالنسبة للملاكمة الجزائرية التي تبوأت منذ مدة ريادة الرياضات الوطنية بفضل الألقاب العالمية والدولية والقارية التي حققتها في السنوات الأخيرة، وهو ما يؤكد عافيتها وقوتها. وما الكأس الإفريقية الثالثة على التوالي التي أحرزتها هذه الرياضة في جنوب إفريقيا، والتتويجات الكثيرة المحققة على مستوى الشباب، إلا تأكيدا على القوة التي أصبحت تتمتع بها وعلى المكانة العالية التي اعتلتها. هذا الإنجاز المبهر المحقق في مدينة إيست لندن الجنوب إفريقية، يؤكد مجددا الصحة الجيدة للملاكمة الجزائرية التي طبعت عام 2014، ببصماتها بفضل الألقاب التي حازتها من أهمها اللقب الإفريقي المحصل عند الأواسط في مارس 2014، المركز الأول التاريخي المحقق في الألعاب الإفريقية للشباب، فضلا عن الكأس الإفريقية الثالثة التي توج بها الأكابر (2010 بالجزائر، 2012 في بوتسوانا و2014 في جنوب إفريقيا). فرغم المنافسة الشديدة التي لقيها الجزائريون من ملاكمي البلد المنظم، إلا أنهم نجحوا في بسط قوتهم في إيست لندن، بإحراز سبع ميداليات (5 ذهبية و2 برونزية). ولدى السيدات، توجت الجزائر في أرض جنوب إفريقيا بثلاث ميداليات (فضيتان وبرونزية).وعلى درب أسلافهم (الأكابر)، سار أواسط المنتخب الوطني بثبات، حيث نجحوا في التتويج بلقب البطولة الإفريقية التي جرت بياوندي (الكاميرون) بحصد 6 ميداليات ذهبية وفضيتين وبرونزية. كما حازت الكبريات في موعد ياوندي، ثلاث ميداليات للجزائر منها ذهبية واحدة بفضل سهيلة بوشان (48 كلغ) وفضية من توقيع رميسة بوعلام (51 كلغ) وبرونزية من نصيب منال محرزي (57 كلغ). وفي الألعاب الإفريقية للشباب، ضرب الفن النبيل الجزائري بقوة بعدما تألق الملاكمون الجزائريون الخمسة المشاركون في هذا الموعد بشكل لافت، حيث نجحوا جميعهم في الصعود على منصة التتويج ليهدوا للجزائر أربع ميداليات ذهبية وفضية واحدة. هذا الصعود المبهر في مستوى الملاكمة الجزائرية، قاد الاتحادية الدولية للملاكمة إلى اختيار خمسة ملاكمين جزائريين للمشاركة في الطبعة الأولى لبطولتها الاحترافية التي تضم أقوى الملاكمين على المستوى العالمي، وكلل هذا الاختيار بإنجاز تاريخي صنعه الملاكم جمال دحو، الذي برز مرة أخرى ، بعد الفوز على منافسه الملاكم المكسيكي "دانييل فالنزويلا" بالضربة القاضية، في المنافسة العالمية التي احتضنتها ولاية برج بوعريريج يوم 20 ديسمبر الفارط، حيث حافظ جمال على اللقب العالمي wbc واستطاع الفوز على منافسه المكسيكي بسهولة كاملة، بعدما دخل الحلبة بلياقة بدنية كبيرة، لم يستطع منافسه مقاومته في الجولة الأولى. واستطاع جمال ابن مدينة تيارت، أن يُنهي المنازلة في وقت لا يتعدى الدقيقة وبضع ثوانٍ، وقد سبق لدحو جمال أن تحصل على اللقب العالمي وشرّف الجزائر في المحافل الدولية، كان آخرها في تنزانيا، حين فاز على الملاكم التانزاني "يزيدو" بالضربة القاضية. رياضة فئة الاحتياجات الخاصة 2014.. سنة أخرى مشرّفة وكالعادة، تركت رياضة فئة الاحتياجات الخاصة على غرار السنوات الماضية بصمات واضحة في سنة 2014، التي تنقضي بعد أيام قليلة، حيث استطاعت خلالها هذه الشريحة من تحقيق نتائج رياضية جيدة ومنح الجزائر العديد من التشريفات بفضل رياضيين ورياضيات كان لهم الفضل في الإبقاء على سمعتهم على المستوى الدولي وفي العديد من الرياضات.وتنقضي سنة 2014 لرياضة فئة الاحتياجات الخاصة بارتياح كبير لدى مسؤوليها الذين يحيون مختلف الشرائح المساهمة في هذه النتائج المريحة جدا أهمها إنجاز مولود نورة، الذي توج باللقب العالمي في مونديال الولايات المتحدةالأمريكية في اختصاص الجيدو لفئة ناقصي البصر. ويعيش الاختصاص على واقع هذه النتائج لأن سنة 2015، على الأبواب ومع العديد من التحديات الأخرى التي ستكون بدون أدنى شك أصعب من السابقة، الدورات التصفوية المؤهلة إلى الألعاب شبه الأولمبية التي تنتظر مختلف المنتخبات الوطنية (كرة الجرس، كرة السلة على الكراسي، رفع الأثقال والجيدو) والتي من الضروري إحاطتها بأحسن الظروف للتحضير الجيد وتوفير لها أحسن الإمكانيات الممكنة من أجل الحصول على أكبر عدد من التأشيرات المؤهلة إلى ألعاب البرازيل 2016. الجيدو بين نتائج مرضية بجزر موريس ووجه شاحب في روسيا ولئن كان الجيدو الجزائري قد أخفق كليا على المستوى العالمي، إلا أن مشاركة المصارعين الجزائريين في المنافسات الإفريقية كانت بالمقابل مرضية لتحفظ بذلك ماء وجه هذه الرياضة. ففي مونديال 2014 الذي جرى في تشليابينسك (روسيا)، سجل الجزائريون مشاركة مخيبة بإقصائهم بالجملة من الدور الأول من المنافسات. وعليه، بقي سجل الجيدو الجزائري منذ مونديال القاهرة 2005، حينما أحرزت الجزائر ميدالية فضية بفضل عبد الرحمان بن عمادي (-81 كلغ) وأخرى برونزية من توقيع صورايا حداد (-48 كلغ) وإلى غاية طبعة 2014 عذريا. وفي ظل العجز عن الصعود على منصة التتويج، اكتفت الجزائر في مونديال 2014 بحصد أكبر قدر ممكن من النقاط لتحسين ترتيب الجزائريين في التصنيف العالمي. ورغم انخفاض مستوى الجيدو الجزائري عالميا، إلا أنه ظهر بوجه مشرف في بطولة إفريقيا التي جرت من 26 الى 28 مارس الماضي في بورت لويس (جزر موريس). وقد توج المصارعون الجزائريون باللقب الإفريقي لعام 2014، حسب الفرق بعد فوزهم بنتيجة (4-1) في النهائي على منتخب مصر. كما فازوا أيضا بمنافسات الفردي التي تقدموا فيها على تونس التي حلت في المركز الثاني ومصر ثالثة. ونجح المصارعون ذكورا وإناثا في حصد 17 ميدالية منها 5 ذهبيات و6 فضيات و6 برونزيات. وعند السيدات، اكتفت المصارعات الجزائريات باحتلال المركز الثاني في منافسة الفرق، إثر خسارتهن في النهائي أمام التونسيات (3-2). أم الرياضات الخيبة الأكبر خلال سنة 2014، كان اللقب الإفريقي للعربي بورعدة، في اختصاص العشاري بمثابة نقطة الضوء الوحيدة في مسار هذه الرياضة التي سجلت نتائج لم ترق للمستوى المنتظر في الطبعة ال19 لبطولة إفريقيا المنظمة في أوت بمراكش (المغرب)، حيث اكتفت بإحراز لقب قاري وحيد وثلاث ميداليات برونزية. وقد اكتفى المنتخب الوطني الجزائري الذي شارك ب27 عداء باحتلال المركز ال12، بمجموع أربع ميداليات منها ذهبية واحدة و3 برونزيات، مسجلا بذلك تراجعا ملحوظا عن الدورة الثامنة عشرة التي أقيمت من 28 جوان الى 1 جويلية 2012 في بورتو نوفو (البنين)، حيث احتلت الجزائر التي شاركت آنذاك ب13 رياضيا فقط، المركز السادس برصيد 7 ميداليات (2 ذهبية، 3 فضية و2 برونزية). ولئن نجح بورعدة في تحقيق إنجاز كبير باعتلائه أعلى منصة التتويج، فإن الأمر مخالف بالنسبة لكل من البطل الاولمبي توفيق مخلوفي، والسباعة ياسمينة عمراني اللذين أخفقا في الاحتفاظ بتاجيهما القاري المحققين في دورة البنين السابقة. ولم تتمكن ياسمينة عمراني، من الاحتفاظ بلقبها القاري، إثر انسحابها في مسابقة السباعي بسبب إصابة بعد أن كانت متصدرة للترتيب العام، ليحرم المنتخب الوطني من حظوظ حقيقية في التتويج. من جهته، اكتفى الفريق الوطني للعدو الريفي باحتلال المركز السابع في الترتيب العام حسب الفرق في بطولة إفريقيا التي جرت في كامبالا سيتي (أوغندا). عربيا، حصدت الجزائر 3 ميداليات ذهبية و8 فضية و8 برونزية في البطولة العربية بمصر. وعن بقية النتائج العالمية التي سجلتها الرياضة الجزائرية تأتي الميدالية الفضية التي توج بها الرباع بيداني وليد، في بطولة العالم أواسط بروسيا على رأس قائمة الإنجازات المحققة في المحافل الدولية، إلى جانب المركز الرابع الذي احتله الملاكم الشاب سالم طامة، في الألعاب الأولمبية للشباب في أوت بالصين، والذي افتك أيضا المرتبة الخامسة في بطولة العالم للأواسط في صوفيا (بلغاريا)، فضلا عن اللقب العالمي الذي أحرزه نورة مولود، في رياضة المعاقين في مونديال ميامي (الولايات المتحدةالأمريكية).وتحققت بقية الإنجازات العالمية بفضل الرياضات غير الأولمبية على غرار كمال الأجسام والكرة الحديدية والرياضات القتالية. ففي رياضة كمال الأجسام، توج الرياضيان آسيا عبد القادر ومحمد بوعافية، بطلين للعالم ولإفريقيا، في حين أحرز إلياس بوغانم، الميدالية البرونزية في بطولة العالم والذهبية في بطولة إفريقيا. من جهته، تألق بطل إفريقيا، محمد شيخي، في بطولة العالم للكرة الحديدية التي جرت بايطاليا بتتويجه بالميدالية الفضية، في حين أحرز العربي عبد السلام، ميدالية فضية في المونديال الإيطالي. وفي الكونغ فو، حصدت الجزائر ميداليتين برونزيتين في بطولة العالم بفضل يوسف حمريت، وعبد القادر شعبان. فيما يتعلق بمنافسات الشباب, فقد أنهت الجزائر مشاركتها في الطبعة الثانية للألعاب الإفريقية التي جرت من 22 الى 31 ماي بغابورون (بوتسوانا)، في المركز الرابع برصيد 48 ميدالية (15 ذهبية و22 فضية و11 برونزية).