قطعت الجزائر أشواطا كبيرة في مجال محو الأمية، فبعد أن كانت نسبتها تقارب ال44٪ في 1992، سجلت في 2014، نسبة 14٪. وهذا بفضل سياسة الدعم والتشجيع التي أولتها الدولة لمؤسسات المجتمع المدني من أجل العمل على تنوير الشعب. ولعل الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الأمية المعتمدة منذ 2007 لخير دليل على ذلك. ويبقى التحدي مرفوعا من أجل العمل على محو الأمية في مجتمعنا لتحقيق تنمية مستدامة، فخير استثمار هو تعليم الشعب وتنويره، مثلما قال الوزير الأول السيد، عبد المالك سلال في رسالة بمناسبة إحياء اليوم العربي لمحو الأمية المصادف للثامن يناير من كل سنة. ساهمت جمعية "إقرأ" منذ إنشائها في 1990، في العمل الجاد والجدي في محو الأمية التي كانت متفشية غداة الاستقلال وسط أفراد المجتمع بنسب كبيرة، لاسيما في الأرياف ووسط الجنسين على السواء، إذ تشير السيدة باركي، رئيسة الجمعية، إلى أن العمل على استمالة الأفراد نحو صفوف محو الأمية لم يكن سهلا في البداية، إلا أن الإصرار على رفع التحدي قاد الجمعية اليوم لتتحدث عن تجربة الجزائر في مكافحة هذه الآفة المجتمعية بفخر كبير، خاصة بعد أن أولت الدولة عناية كبيرة لهذا الملف، وخصصت له استراتيجية وطنية ثبتها رئيس الجمهورية في 2007، وبفضل ذلك ازداد الاهتمام بمجال تعليم الكبار ومنح فرصة ثانية لمن لم يحالفه الحظ من الصغار والشباب للالتحاق بأقسام المدرسة. أرقام "إقرأ" تشير إلى نسبة 44٪ من الأمية المتفشية بداية التسعينيات، لتتقلص في 2008 إلى 22٪ وتصل إلى 18٪ في 2012 وفي 2014 نزلت إلى 14٪، وتضع الجمعية هدف تحقيق 11٪ خلال 2015. تؤكد باركي أن هذا الهدف ممكن بالنظر إلى الإرادة التي تحذو الجمعية، خاصة بعد أن حازت على صفة "اعتراف المنفعة العامة"، وهو ما يزيدها إصرارا على العمل أكثر، وتجنيد كامل لتقليل نسب الأمية لتصل إلى صفر بالمائة. وكمثال على هذه الإرادة، تتحدث إلى "المساء" السيدة رشيدة داش، رئيسة مكتب "إقرأ" بولاية الشلف ورئيسة المنظمة الوطنية للدفاع عن السلم وحقوق الإنسان، فتقول إن استمالة المواطنين من كبار السن نحو صفوف محو الأمية ليس سهلا خاصة بالقرى والمداشر، لذلك فإن المؤطرين ال89 يعملون أولا في مجال التوعية والتحسيس لجلب الاهتمام نحو التعلم، موضحة أن النساء والفتيات والأطفال والشباب من السهل إقناعهم، وأن الصعوبة تكمن في الرجال ممن يعتقدون أن التعلم في سنهم لا يجديهم نفعا. وبفضل أقسام محو الأمية في الشلف، يتقدم هذه السنة 3 شباب لاجتياز البكالوريا، و15 مترشحا لامتحان شهادة المتوسط، و100 مترشح لاجتياز شهادة المرحلة الابتدائية. وتحصي "إقرأ" في الشلف فوجين من الدارسين في أقسامها. وتمكنت خلال الموسم الدراسي الفارط من تحرير 2000 شخص من الأمية، والجهود متواصلة لتحقيق المنفعة العامة. كذلك تسخر "إقرأ" بولاية البليدة مجهودات تستحق الإشادة من أجل تنوير أفراد المجتمع اثنتهم صعوبات الحياة عن الدراسة من قبل. ويقول السيد اسماعيل مغراوي، رئيس المكتب ومستشار تربوي إن المؤطرين، وعددهم 90، منهم 5 رجال، يعملون ما بوسعهم لإقناع فئة كبيرة من الأميين ليلتحقوا بصفوف التعلم، وكل الجهود منصبة أكثر على فئة الشباب الأقل من 35 سنة، فهم الاستثمار الحقيقي. وبعد أن كانت نسبة الأمية في الولاية في 2007 في حدود 21٪، انخفضت لتصل إلى 18٪ في 2012،" وهذه نتيجة مشجعة نسعى لدعمها أكثر، ونقترح على الجهات المعنية التفكير في مزاوجة محو الأمية لدى الشباب والرجال مع تكوين مهني لتحفيزهم أكثر نحو صفوفنا، لأننا نجد صعوبة كبيرة في إقناعهم بذلك، وخير دليل على ما نقول هي الإحصائيات التي تشير إلى أن 1٪ فقط من الدارسين هم رجال"، يقول محدثنا، منوها بصفة "اعتراف المنفعة العامة" التي اكتسبتها الجمعية، ما يعني تثمينا لها على المجهودات التي تقوم بها خدمة للمجتمع. جدير بالتذكير أن "إقرأ" حازت صفة اعتراف بالمنفعة العامة بفضل تواجدها في 44 ولاية، وفتحها لما يزيد عن 1300 مكتب، وتحريرها لأكثر من مليون و700 ألف شخص من براثن الأمية منذ أكثر من عقدين، والعمل ما يزال مستمرا.