يحيي الأوركسترا السمفونية الوطنية للمنوعات، الذكرى الثالثة لرحيل شريف خدام هرم الأغنية الجزائرية الملتزمة، وأيقونة الموسيقى القبائلية الراقية، بتقديم ثلاث حفلات فنية، الأول سيكون غدا بقصر الثقافة ”مفدي زكريا في العاصمة، والثاني بعد يوم غد الإثنين في المسرح الجهوي ”كاتب ياسين” بتيزي وزو، والأخير في اليوم الموالي بدار الثقافة ”طاوس عمروش” ببجاية. سيقود المايسترو فريد عوامر الجوق السمفوني الجزائري، جمهوري تيزي وزو وبجاية إلى رحلة بديعة، سيجود فيها عازفون محترفون بعدد من التحف الفنية التي تركها الراحل، بمشاركة عدد من المطربين المولوعين بأعمال شريف خدام الخالدة، إذ سيشارك كل من إبراهيم طيب، جيجي ونورية يامين، فضلا عن أداء منفرد لعدد من الفنانين. ورحل أيقونة الأغنية الأمازيغية في 23 جانفي عام 2012، بعد أن كرس حياته للنضال من أجل الحفاظ على هوية وأصالة وخصوصية الثقافة الأمازيغية، وخلف وراءه إرثا غنائيا وثقافيا غاليا وأعمالا قيمة، ستبقى خالدة في أرشيف الثقافة الأمازيغية والجزائرية. يعد شريف خدام عبقري الأغنية الأمازيغية الجزائرية بامتياز، ولد المغني والشاعر والملحن الكبير في الفاتح من يناير من عام 1927 بقرية بومسعود، ببلدية إفرحونان ولاية تيزي وزو، هاجر في سن مُبكرة إلى فرنسا، على غرار كل الشباب الطموح الذي كان يُعاني الويلات تحت ظلم الاحتلال، واشتغل في بداياته في ورش البناء ومعامل صهر الفولاذ وغيرها من الوظائف الشاقة، وموازاة مع ذلك، كان يدرس في معهد ليتعلم ”الصولفاج” على يد موسيقيين كبار، وفيما بعد تعرف على الموسيقار التونسي الكبير محمد الجاموسي الذي لقنه المبادئ الأساسية والقواعد الخاصة بالغناء الشرقي. عاد مُباشرة ليستقر في أرض الوطن غداة الاستقلال، مُشرفا ومُنتجا لبرامج موسيقية على القناة الإذاعية الناطقة بالأمازيغية، كان أهمها برنامج ”إشناين أوزكا” (مغنو الغد)، مُهتما بالتراث الغنائي الأمازيغي الثري، مُكتشفا للمواهب والأصوات الشابة وراعيا لها كذلك. استطاع شريف خدام أن يُحول الموروث الشفهي الغنائي المنسي لمنطقة القبائل إلى مقطوعات موسيقية مكتوبة ومؤلفات عالمية، لحنها وغناها في أكبر المسارح والقاعات في العالم، كقاعة الزينيت وقصر المؤتمرات في باريس، وغيرهما من الأماكن التي وقف فيها ”عمالقة” الطرب والغناء. مواضيع شريف خدام شملت الحب والحرية والغربة والحنين للأوطان البعيدة، من أشهر أغانيه ”الجزاير إن شا الله أتسحلوظ” (الجزائر إن شاء الله ستُشفى)، أما من أشهر مؤلفاته الموسيقية، فكانت الموسيقى التصويرية لفيلم ”الربوة المنسية”، للمخرج الراحل عبد الرحمن بوقرموح. فبالإضافة إلى الغناء والتلحين والتأليف، كان كذلك مُكتشفا للمواهب وداعما لها، لتشق طريقها في عالم الأغنية الأمازيغية، كما فعل مع المغني لونيس آيت منقلات، وهو الذي كان وراء ولوج الفنان العالمي الأمازيغي الجزائري إيدير عالم الغناء.