خاضت المخرجة تونس آيت علي، عبر مسرحية "مونالويزة" في فكرة بديعة استقتها من لوحة موناليزا للرسّام الايطالي ليوناردو دافنشي، إذ منحت للوحة الجنسية الجزائرية، ووضعت للابتسامة الغريبة لسانا ينطق بحال المرأة الجزائرية في الوقت الراهن، في قصة بسيطة وممتعة وشّحتها سينوغرافيا بسيطة وجميلة كذلك. قدّم مسرح باتنة الجهوي نهاية الأسبوع، عرضين متتاليين على خشبة المسرح الوطني "محي الدين بشطارزي"، آخر أعمال المخرجة والممثلة تونس آيت علي، عنوانه "مونالويزة"، حيث تحاول المرأة التحرّر من الأحكام الجائرة التي يطلقها الرجل عليها وتجد ابتسامتها من جديد، وتبحث أخرى عن أمان معه تحت طائلة الحب والزواج. في مشاهد سلسة صوّرت المخرجة صراع الرجل ضدّ المرأة، فتارة يريدها وتارة يريد إلغاءها عندما هي لا تريده، يمجّد أفعاله في سبيلها وهي ترى أنّها تغرقها في القهر والحزن، إنّها تريد الانعتاق من جبروته، بينما تظهر امرأة ثانية تريده، وتلعن المرأة الأولى (مونالويزة) كونها مثالا للنساء اللواتي يسبّبن العنوسة ويوسّعن من حجمها، الأولى تريد الحرية والثانية تريد أن يحبها. تنطق اللوحة من فاه البسمة الغريبة التي رسمها كبير الرسّامين، تقول إنّها حزينة لا تقوى على الفرح، يحاصرها الرجل بمعتقداته الخاطئة عنها ولكنه يريدها وهي لا تريد غير الحرية، إنّها تريد السعادة وعودة بسمتها الحقيقية، يدور شدّ وجذب للأحداث في حوارات مقتضبة ومرنة، مع تسجيل فترات باردة سقطت من الإيقاع العام للعرض، غير أنّ العمل السينوغرافي ولاسيما الإضاءة شكّلت بحق دعامة فنية إضافية للمسرحية ولأداء الممثلين. الحديث عن انشغالات المرأة في المجتمع الجزائري، ساقت المخرجة به للحديث عن الأوضاع السياسية والاجتماعية، إذ قدّمت جرعة من النقد كانت بمثابة المتنفّس للأحوال التي يعيشها الوطن، وموقف معارض ومطالب لتحسين الأوضاع، مررته تونس آيت علي، في وصلة ساخرة وهادفة. والعمل من إنتاج المسرح الجهوي باتنة، وساعد في الإخراج الممثل هاني محفوظ، وعالجتها دراميا الدكتورة جميلة مصطفى الزقاي، عن قصيدة نثرية لأستاذ الفنون الدرامية المصري سعيد ناصر، ووضع السينوغرافيا مراد بوشهير، أمّا الكوريغرافيا فأشرف عليها توفيق قارة، وقام بتأليف الموسيقى صالح سامعي، وأدى أدوار المسرحية كل من سعاد خلفاوي، سعاد عطال ريمة وحسين بن شميسة، والمسرحية ستشارك في مهرجانيين للمسرح النسوي بعنابة وبتونس الشهر الجاري.