ينظم مخبر الاتصال الجماهيري وسيميولوجية الأنظمة البصرية بكلية العلوم الإنسانية والعلوم الإسلامية جامعة وهران 1 أحمد بن بلة يومي 27-28 أكتوبر 2015، الملتقى الدولي «صورة الثورة التحريرية الجزائرية والاتصال الجماهيري: الصورة في خدمة القيم المدنية والتنمية»، وتتمحور الإشكالية حول مدى تأثير الاتصال الجماهيري على الظواهر ذات النزاع والتفاعل بين المحلي والعالمي، مع ذكر خصائص الصورة والخطاب ورهاناتهما، والحديث أيضا عن طبيعة التلقي لدى الجمهور حين تعرضه للصورة والخطاب. ويأتي مخبر الاتصال الجماهيري وسيميولوجية الأنظمة البصرية في الجزائر ليفتح حقلا معرفيا في غاية من الأهمية والخطورة ضمن ظاهرتين متشابكتين؛ الاتصال الجماهيري كظاهرة مرافقة للمجتمع الصناعي الحديث والأنساق البصرية المؤثرة في المجتمعات المحلية عبر وسائل الإعلام الجماهيرية التقليدية والإلكترونية. ومع نهاية القرن الماضي أصبحت ظواهر مثل: الهوية، الثقافة، التاريخ، الذاكرة، المحلي و»العولمي» بتجلياتها المتعددة وتبايناتها المختلفة، مورطة في رهانات وتحديات السلم والحرب، المهيمن والمهيمن عليه، الأصيل والمنفتح، وأفضت بالنتيجة إلى تحولات عميقة في عالم الاتصال والإعلام من حيث المعاني والدلالات الإنسانية، الصريحة والتضمينية، بدون شك، وعلى هذا المستوى، تأتي الصورة والخطاب المجاور لها ليحتلا رهانا رفيعا في حقل البحث لكونهما يتورطان في اللعبة المزدوجة للنزاع والتفاعل، التنافر والتجاذب بين المحلي والمُعولم، بين الذات والغير. في هذا السياق، تتمحور إشكالية هذا الملتقى، حيث ألهمت الثورة التحريرية الجزائرية التي احتضنها الشعب وتشبع بقيمها ومبادئها وقام بها رجال آمنوا بحق الشعوب والإنسانية في الحرية والتقدم وحقوق الإنسان، فكانت مصدر الهام داخلي وخارجي، وتشكلت حولها مواقف داعمة وأخرى مستلهمة منها حضورها وقوتها وصلابتها وفعاليتها. وركز الإعلام بكل أشكاله وأصنافه على الاستلهام والتوظيف النوعي والكيفي للثورة وقيمها في مختلف الأعمال، وخاصة تلك التي تركز على الصورة وما يمكن أن تلعبه من دور في نقل المعارف وتوصيل الأفكار، حيث يمكن للصورة التعبير الموضوعي عن عقلية الجماهير و روحها وميولها واتجاهاتها وفي الوقت نفسه نقل وتصوير الأحداث ومختلف السياقات التاريخية وتجسيد المبادئ الثورية ودورها في إحداث التغييرات المطلوبة من قيم التقدم والتنمية وتصحيح رؤية الآخر وإعادة كشف حقائق التاريخ. ولم يعد من الممكن التحدث عن علاقة الصورة وحركتها ضمن وسائل الاتصال الجماهيري دون ربطها بالحدث وقدرته على التأثير على الجمهور .. لم يكن من الممكن كذلك التحدث عن تلك الصور، سواء كانت سمعية أو بصرية وقدرتها على تحريك الجماهير، ليس فقط في سبيل الدعاية، بل كذلك في سبيل الحرية والتحرر، ناهيك عن تلك الإصدارات الورقية الممثلة في الصحافة المكتوبة التي توعي الشعوب بما فيه الشعب الجزائري، فضلا عن الصحافة الحرة الناشطة في سبيل تحقيق الحرية والاستقلال، كانت هناك صور سمعية نقلتها أصوات جزائرية آمنت بالحرية وعملت من أجل تحقيقها.. و كمثال على ذلك «صوت الجزائر الحرة»، كبرنامج إذاعي خرج من حنجرة شريفة شكلت صورة سمعية ارتبطت بصاحبها المناضل عيسى مسعودي رحمه الله، ولم يكن من الممكن كذلك نسيان تلك الصورة الشنيعة التي نقلت لنا بطش المستعمر في قتل أبرياء عزل من الشعب الجزائري، صورة التقطت من قبل إنسان آمن بالحرية وناضل من أجلها وانخرط ضمن صفوف أناس انتفضوا ضد مستعمر غاشم، إنسان ساهم في نقل أحداث الثورة بالصوت والصورة. كذلك لا أحد ينسى اسم روني فوتيي والثلة التي رافقته والمكونة من رجال السينما الجزائرية مثل محمد لخضر حمينة وأحمد راشدي... مثل هذه الصور التي استوجبت منا يشير بيان صادر عن الجهة المنظمة - وقفة لنستقصي تلك القيم التي حملتها الثورة التحريرية الجزائرية واحتضنها الشعب وتشبع بها، وهي ثورة بمبادئها وقيمها كافح من أجلها رجال كل بسلاحه، منهم من حمل الرشاش ومن هم من حمل القلم ومنهم من حمل آلة تصوير. كونهم آمنوا كذلك بحق الشعوب والإنسانية في الحرية والتقدم وحقوق الإنسان، فكانت مصدر الهام داخلي وخارجي، تشكلت حولها مواقف داعمة وأخرى مستلهمة منها حضورها وقوتها وصلابتها وفعاليتها. أول تأسيس لإذاعة متنقلة تحت اسم صوت الجزائر المكافحة مع تكوين أول خلية سينمائية تابعة تنظيميا لجبهة التحرير الوطني أبرز مدى علاقة وسائل الاتصال الجماهيري في تشكيل الوعي التحرري، الذي استقطب من حوله عدة دارسين يعملون على الكشف عن المخزون المشكل للذاكرة الوطنية. تجسد ذلك أكثر بعد الاستقلال فكانت وسائل الإعلام خاصة والاتصال الجماهيري، منبعا لمواضيع تحاول الكشف عن هذه العلاقة لأجل بناء تاريخ الثورة الجزائرية، ولعل التطور التكنولوجي الحاصل اليوم مكن من اقتناء وسائل جد متطورة للكشف أكثر عن علاقة وسائل الاتصال الجماهيري بالحركات التحريرية. عليه أصبحت هذه العلاقة جديرة بالدراسة والبحث، فما قامت به وسائل الإعلام في مجال الصناعة الإعلامية خاصة - الصورة - عمل كبير وضخم يتطلب حفر معرفي وتوجيه إعلامي نحوه وإعادة استخلاص التجربة واستدراك نقائصها وأخطائها ثم تجلية إيجابياتها، من هذا المنطلق، يأتي ملتقى صورة الثورة ليجيب عن إشكال محوري يتمثل في قدرة نفس الوسائل في توصيل ذات المبادئ التي تشبع بها قادة الثورة الجزائرية وهل بإمكانها أن تخلق نفس الإيمان لدى جيل الاستقلال للمحافظة على مكاسب الثورة وتحقيق التقدم والازدهار والعدالة التي حلم بها شهداؤنا؟ الفرضية الكبرى التي يشتغل عليها المخبر هو أن مفهومي التأثير والتلقي يخضعان إلى جدلية المحلي والعولمة ضمن منطق النزاع بين المهيمن والمهيمن عليه.والإجابة عن هذا الإشكال يتطلب بحثا مكثفا عن مدى قدرة وسائل الإعلام والاتصال الجماهيري، فيما أنجزه حول الثورة وقيمها، التركيز على توجيه مسار العمل نحو استغلال إمكانات الصورة في تنوير محتوى الأعمال المنجزة والتي تضطلع بمهمة كشف مبادئ الثورة وغرسها في الأجيال القادمة، زد على ذلك تنمية الروح الوطنية والحس المدني عن طريق نشر القيم الثورية والسلم والعدالة والحريات، التي شكلت قيم المجاهدين والشهداء والشعب الجزائري برمته. وعليه تم تقسيم الملتقى إلى 6 محاور، يهتم الأول بصورة الثورة في البرامج الثقافية والتاريخية للوسائل الإعلام الواسعة الانتشار (الصحافة المكتوبة، الإذاعة والتلفزيون والسينما)، والثاني خصص لصورة الثورة الجزائرية في الإعلام الجديد (مواقع التواصل الاجتماعي والمنتديات الشبابية)، والثالث يعنى بصورة القيم الثورية الجزائرية في البرامج الثقافية والتاريخية، والمحور الرابع يهتم بصدى صورة الثورة الجزائرية داخليا وخارجيا، أما المحورين الخامس والسادس فمخصصان على التوالي لصور قيم الثورة الجزائرية بين الأنا والآخر، والصورة الإشهارية وقيم الثورة التحريرية.