يشرف الرئيس الأمريكي جورج بوش اليوم بأنابوليس بالعاصمة واشنطن على انطلاق أشغال مؤتمر السلام حول الشرق الأوسط في آخر جهد دبلوماسي يبذله قبل نهاية عهدته الرئاسية ضمن مسعى لإيجاد تسوية للنزاع بين العرب وإسرائيل ويحاول الرئيس بوش إعطاء نفس جديد لعملية سلام آيلة للموت المحتوم في منطقة الشرق الأوسط بعد سبع سنوات من الجمود الذي فرضه رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق آرييل شارون وكرسه خليفته الحالي إيهود أولمرت· وينتظر أن يكشف رئيس الإدارة الأمريكية اليوم أمام ممثلي خمسين دولة وهيئة أممية وإقليمية على جدول أعمال هذا المؤتمر والخطة التي تعتزم واشنطن انتهاجها من أجل إنهاء الصراع في منطقة الشرق الأوسط· وبمجرد أن ينتهي الرئيس جورج بوش من إلقاء كلمته الافتتاحية فإنه سيكون بإمكان المشاركين العرب وبصفة خاصة الفلسطينيين منهم على حقيقة النوايا الأمريكية من خلال تنظيم هذا المؤتمر وما إذا كانت لواشنطن الارادة السياسية الكافية لإعطاء دفع جديد لعملية السلام المتعثرة· وينتظر الرؤساء ووزراء خارجية الدول العربية الخمسة عشر الذين أكدوا مشاركتهم في هذا المؤتمر بشغف كبير ما إذا كانت إدارة الرئيس الأمريكي جادة في مسعاها بعد الشكوك التي أحاطت بهذه المبادرة التي فقدت كل عوامل نجاحها· والأكثر من ذلك فإن المشاركين العرب سيتأكدون من حقيقة الضغط الذي يجب ان تمارسه واشنطن على إدارة الاحتلال لدفعها على ارجاع الحقوق العربية المسلوبة للفلسطينيين والسوريين واللبنانيين دون استثناء· وقال متتبعون لأطوار التحضيرات لهذا المؤتمر ان انطلاق اشغاله سيفتح الباب أمام مفاوضات واتصالات مكثفة بين الفرقاء والوسطاء من أجل الخروج بنتيجة ايجابية عى طريق تسوية الصراع من خلال اقرار إدارة الإحتلال وبصفة رسمية بقبول إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة· ولكن الأنظار ستنصب بشكل كبير على الرئيس جورج بوش الذي يتوقع أن يلقي بكل ثقله الدبلوماسي وثقل بلده الولاياتالمتحدة من أجل إنجاح هذه المؤتمر الذي كان أول المبادرين بالدعوة الى عقده· وسبق للرئيس الأمريكي ان جدد التأكيد أول أمس على " التزامه الشخصي" من أجل تحقيق خيار دولتين ديمقراطيتين، اسرائيل وفلسطين متعايشتان جنبا الى جنب في سلام وأمن· ولكن تعهد الرئيس يبقى حلماً جميلاً لايلبث أن يصطدم بواقع الحال في الميدان والذي تفرضه إدارة الاحتلال بقوة آلتها الحربية وسيف قواتها التي تقدم في كل يوم على اقتراف أبشع جرائمها في حق المدنيين الفلسطينيين رافعة في كل مرة مبرر حماية أمنها· وهنا تكمن اشكالية الصراع العربي الاسرائيلي في ظل سعي ادارات الاحتلال المتعاقبة على جعل الطرف العربي تابعاً وخاضعاً لأوامرها، وهو السبب المباشر الذي جعل كل جهود السلام الدولية تصطدم بمنطق القوة الإسرائيلي· وهو الواقع الذي تكرس مع الأعوام عندما وجدت الحكومات الاسرائيلية التغطية الدبلوماسية وحتى العسكرية المفرطة من طرف واشنطن التي منعت بفضل ورقة "الفيتو" التي تمتلكها من تمرير حتى إدانة واحدة ضد حليفتها وحامية مصالحها في أغنى مناطق العالم بترولاً وأهمها استراتيجيا· وماينطبق على الشق الفلسطيني في معادلة السلام الشرق أوسطية ينطبق أيضا على الشقين اللبناني والسوري اللذان لايقلان أهمية في كل مسعى يرمي الى تسوية نهائية للأوضاع في المنطقة· ولأن اسرائيل رفضت الانسحاب من هضبة الجولان المحتل فإن الصحف السورية التي عادة ماتعبر عن الموقف الرسمي لدمشق أبدت تشاؤمها المسبق من حظوظ نجاح مؤتمر أنابوليس في إنهاء أقدم النزاعات وأعقدها على الإطلاق في العالم· وكتبت صحيفة "الثورة" أن مؤتمر أنابوليس يخشى أن يتحول الى فرصة ضائعة أخرى وخاصة وأن التحضيرات التي سبقت موعده ترهن كل حظوظ لتحقيق تقدم في كل محاول الصراع مع إسرائيل· وأكدت الصحيفة أن أي مساع لاتأخذ بعين الاعتبار مبدأ الأرض مقابل السلام سيكون مآلها الفشل المحتوم! وهي القناعة ذاتها التي حملتها الدول العربية في مبادرتها التي صاغتها في قمة بيروت سنة 2002 وعرضتها على إسرائيل التي رفضتها!