بدأت الدول الغربية تغير طريقة تعاملها مع إيران من عداء مطلق دام عدة سنوات الى تقارب براغماتي أملاه الاتفاق المتوصل إليه أول أمس، مع طهران وحركته مصالح اقتصادية وتجارية. وينتظر أن تتحول العاصمة الإيرانيةطهران الى قبلة لمسؤولي مختلف البلدان الغربية لفتح صفحة جديدة مع إيران، ضمن محاولات للفوز بصفقات اقتصادية ضخمة تدر عليها الملايير في دولة تتوق لأن تكون قوة إقليمية فاعلة في كل منطقة الشرق الأوسط. وهي الرغبة التي جعلت وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، يكون أول من سيقوم بزيارة الى طهران بعد إنهاء القطيعة الدولية التي خنقت اقتصادها طيلة عشر سنوات. وحتى وان كانت الزيارة بدعوة من نظيره الإيراني محمد جواد ظريف، إلا ذلك لا يمنع من القول إن رئيس الدبلوماسية الفرنسي سيستغلها بكيفية تجعل فرنسا أول مستفيد من عودة إيران الى الساحة الدولية. ولم يخف الوزير الفرنسي جانب المكاسب الاقتصادية التي ستجنيها فرنسا من تقربها من إيران، وقال إن سوقها يفتح آفاقا هامة للشركات الفرنسية. يذكر أن المبادلات التجارية بين فرنساوإيران انهارت الى حدود 500 مليون اورو سنة 2013، بعد أن بلغت سنة 2004 أكثر من أربعة ملايير اورو وجعل فرنسا تحتل المرتبة السابعة عالميا في سوق التعاملات التجارية مع ايران، وراء دول مثل الصين وكوريا الجنوبية وروسيا وحتى ألمانيا وايطاليا. وتدرك باريس أهمية السوق الإيرانية بعد عشر سنوات من الحصار الاقتصادي الذي فرض عليها بسبب برنامجها النووي، وحجم الاحتياجات التي يتطلبها إعادة بعث اقتصاد بلغ حد الاختناق. وهي معطيات جعلت نائب المستشارة الألمانية ووزير الاقتصاد الألماني سيغمار غابريال، يعتزم القيام هو الآخر قريبا بزيارة الى إيران لتدعيم العلاقات الاقتصادية بين البلدين. ولم يخف المسؤول الألماني من جهته دواعي هذه الزيارة وقال إنها جاءت بالنظر الى الأهمية الاقتصادية الكبيرة التي توليها برلين لمسألة إعادة تطبيع العلاقات مع إيران. وهي أهمية عكسها حضور ايريك شويتزر، رئيس فيدرالية الغرف التجارية والصناعية الألمانية، ضمن الوفد الذي سيرافق وزير الاقتصاد الى طهران. وترشح مصادر غربية أن يرتفع حجم ما ستسوقه ألمانيا باتجاه السوق الإيرانية الى أكثر من عشرة ملايير قبل نهاية العام الجاري، بعد أن كانت في حدود 2,4 مليار اورو العام الماضي. وتعطي هذه الصورة درجة التنافس بين القوى الصناعية على اقتناص كل فرصة تجارية مع إيران، والتي سوف لن تقتصر فقط على ألمانياوفرنسا ولكنها ستكون مفتوحة على دول أوروبية أخرى تريد الحصول على حصتها من كعكة الاقتصاد الإيراني المقدرة بملايير الدولارات. وتستقطب إيران كل الشركات العالمية ليس فقط لفرص الاستثمارات التي يتيحها هذا البلد، ولكن أيضا بالنظر إلى مؤهلاتها الاقتصادية كونها تمتلك أكبر احتياطي في النفط والغاز في العالم، وهي أيضا سوق مفتوحة بتعداد سكاني يقارب 80 مليون نسمة. وهي معطيات تسيل لعب القوى الكبرى وشركاتها التي هي في أمس الحاجة الى سوق "متنفس" بحجم السوق الإيرانية في وقت انسد أمامها الأفق في بلدانها الأصلية.