تمتلك القوى العظمى باعتبارها الأكثر تأثيرا في الهيئات الأممية وعلى رأسها منظمة الأممالمتحدة ومجلس الأمن، من السلطة بما يمكّنها من إنهاء النزاعات المحلية والإقليمية بجرّة قلم. غير أن الواقع يشير إلى أنها تسيّر هذه النزاعات والحروب الداخلية والبينية بما يخدم مصالحها في بؤر التوتر وبصفة خاصة في الشرق الأوسط، وعلى امتداد جغرافية العالم العربي. وقد عودتنا هذه القوى الاستعمارية السابقة أن تحسن الكيل بمكيالين وتجهر به، وتسكت عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول، بل أصبحت اليوم تحرص عليه وتباركه وتسنده عسكريا ودبلوماسيا كما كان الحال مع ليبيا وما هو جار مع سوريا واليمن. وقد مارست هذه القوى وعلى رأسها الولاياتالمتحدةالأمريكية هذا التأثير في قضية اجتياح الجيش العراقي على عهد الراحل صدام حسين، وأنهت الاحتلال بحشد دولي وعربي في ظرف قياسي. وبالمقابل ساندت اسرائيل ودعمتها في احتلالها لفلسطين، وجعلت منها القوة العسكرية الضاربة في منطقة الشرق الأوسط وتتعهد في كل مناسبة بحماية أمنها على حساب حقوق الشعب الفلسطيني. ناهيك عن احتلالها لأفغانستان والعراق في خرق صارخ لميثاق الأممالمتحدة التي تعد الدول التي احتلت أو تعيش نزاعات مسلّحة أعضاء في هذه الهيئة المطالبة بدعم الاستقرار السياسي والأمني، بل واستعمال كل الوسائل المتاحة من أجل ذلك في إطار احترام السيادة الوطنية لها.