أكد وزير الصناعة والمناجم عبد السلام بوشوارب أمس، أن لقاء الثلاثية القادم الذي سيجمع الحكومة بشركائها الاقتصاديين والاجتماعيين في بسكرة شهر أكتوبر المقبل، سيكون أول لقاء يُعقد في ظل تطبيق كافة القرارات المتفق عليها بين الأطراف الثلاثة، مشيرا إلى أن الاجتماع سيتناول تقييم مدى تطبيق الإجراءات التي تم الإعلان عنها في الثلاثية الماضية، لا سيما في مجالي تشجيع المؤسسات وتطهير مناخ الأعمال، فيما جدّد شركاء الحكومة بالمناسبة، تمسّكهم بمسار الحوار والتشاور المؤطر بالعقد الوطني الاقتصادي والاجتماعي للنمو، والهادف إلى الإسهام في إنجاح الجهود الوطنية لتنويع الاقتصاد الوطني وتقويته. واعتبر السيد بوشوارب خلال اجتماعه بممثلي منظمات أرباب العمل والأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين في لقاء تحضيري لاجتماع الثلاثية القادم، أن الحوار بين الأطراف الثلاثة أصبح اليوم أكثر من ضروري في ظل الظرف الاقتصادي الصعب والمميز الذي تمر به البلاد، والذي يجعل من دفع مسار تنويع الاقتصاد الوطني ضرورة حتمية، مبرزا، بالمناسبة، أهمية القرارات التي اتخذها مجلس الوزراء المنعقد الأسبوع الماضي برئاسة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، والتي تصب في مجملها في سياق الاستجابة للانشغالات المعبر عنها من قبل شركاء الحكومة، لا سيما منها ما تعلّق برفع التجريم عن فعل التسيير، وتحسين محيط المؤسسة الاقتصادية وتشجيع الاستثمار، فضلا عن هيكلة الموارد التي يدرّها الاقتصاد الموازي عبر إدخالها في القنوات المالية الرسمية، وإقرار الحلول المواتية لبعض المشاكل المرتبطة بالعقار الصناعي. وثمّن السيد بوشوارب اختيار الوزير الأول عبد المالك سلال لولاية بسكرة لاحتضان اجتماع الثلاثية القادم، مبرزا رمزية هذا الخيار الذي يأتي، حسبه، ليكرّس مبدأ ضمان التوازن في التنمية الوطنية بين مختلف مناطق البلاد، ولا سيما مناطق الجنوب التي توليها الدولة عناية خاصة، كما يتطابق هذا الخيار، على حد قوله، مع وتيرة النمو المشجعة التي تعرفها ولاية بسكرة، التي أصبحت اليوم قطبا فلاحيا وصناعيا بامتياز. كما ثمّن الوزير مختلف التدابير والإجراءات التي تم اتخاذها من قبل رئيس الجمهورية في إطار برامج دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مشيرا إلى أنه بالرغم من الظرف الصعب المترتب عن أزمة تراجع أسعار النفط في السوق الدولية، إلا أن السياسة الاقتصادية التي تسهر الحكومة على تنفيذها مكّنت من تقليص حجم الواردات بنسبة 10 بالمائة مع توقع نمو ب7 بالمائة في القطاع الصناعي خلال سنة 2015. وأوضح ممثل الحكومة في سياق متصل، أن لقاء بسكرة سيتم خلاله وضع تقييم لمدى تنفيذ نتائج هذه السياسة والقرارات التي توصلت إليها الثلاثية الأخيرة، وكذا استعراض القطاعات والفروع الاقتصادية التي تم تحديدها لتكون القاطرة التي تقود الاقتصاد الوطني ضمن سياسة تنويعه وتقوية تنافسيته، مذكرا بالمناسبة بضبط الحكومة ل 14 فرعا صناعيا لتكون البديل الحقيقي لقطاع المحروقات، منها فروع الحديد والصلب والصيدلة والصناعة الغذائية والصناعة الميكانيكية والصناعة الكهرومنزلية والكهربائية والنسيج وغيرها. ومن جهته، أشاد الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين عبد المجيد سيدي السعيد، بمسار الحوار والتشاور الذي تم إرساؤه بين الحكومة وشركائها، داعيا إلى مواصلة هذا المسار من أجل الإسهام في تسيير الأزمة المترتبة عن تراجع أسعار النفط في السوق الدولية، والعمل مع الحكومة من أجل المصلحة المشتركة وبناء اقتصاد وطني قوي. وفي حين أشار فيه إلى أن الحوار والتعاون بين الحكومة وشريكها الاجتماعي مكنت من ترسيخ ثقافة استهلاك المنتوج الجزائري وإرساء مبدأ التضامن بين الجزائريين؛ من خلال تجربة الأسواق التضامنية التي تم تنظيمها عبر 39 ولاية من الوطن في شهر رمضان الماضي، أكد المتحدث أن التحدي الذي ينتظر أطراف الثلاثية اليوم هو مرافقة الاستهلاك الجزائري بإنتاج جزائري مكثف وتنافسي، مشيدا، بدوره، بالإجراءات التي تم اتخاذها في اجتماع مجلس وزراء الأخير، وفي مقدمتها تفعيل تطبيق الإجراء المترتب عن قرار إلغاء المادة 87 مكرر من القانون المنظم لعلاقات العمل، والذي اعتبره قرارا شجاعا بالنظر إلى كونه جاء ليتوّج نضالا دام أزيد من 20 سنة، وكذا إلى الآثار المالية التي تترتب عن تطبيقه، والتي لا تقل عن 130 مليار دينار، قررت الدولة بقيادة رئيس الجمهورية، صرفها لصالح الفئات المعنية بالرغم من الظرف الصعب الذي يواجه الاقتصاد الوطني. كما أشاد سيدي السعيد بالتدابير التي تم اتخاذها في إطار قانون المالية التكميلي لسنة 2015، على غرار رفع العراقيل المتصلة بمنح العقار الصناعي، وإدخال الأموال التي يدرّها الاقتصاد الموازي في القنوات البنكية، ليخلص في الأخير إلى التأكيد على أن المركزية النقابية ستبقى متمسكة بترجيح خيار الحوار على خيار المواجهة، بعد أن أثبت هذا الخيار نجاعته في الإسهام في تحويل الاقتصاد الجزائري من اقتصاد استهلاكي إلى اقتصاد منتج. ومن جهتهم، أبرز ممثلو منظمات أرباب العمل في مداخلاتهم، أهمية الإجراءات التي انبثقت عن اجتماع مجلس الوزراء الأخير، ولا سيما منها تلك المتعلقة برفع التجريم عن فعل التسيير، والذي سيمكّن، حسبهم، من تحرير الإطارات المسيّرة للمؤسسات العمومية وبعث روح المبادرة لديهم. كما ثمّن كل من السادة نايت عبد العزيز رئيس الكنفدرالية الوطنية لأرباب العمل الجزائريين، حبيب يوسفي رئيس الكنفدرالية العامة للمؤسسات الجزائرية، عبد العزيز مهني رئيس كنفدرالية المقاولين والصناعيين الجزائريين وبوعلام مراكش رئيس الكنفدرالية الجزائرية لأرباب العمل، التقارب الحاصل بين الحكومة وشركائها الاقتصاديين والاجتماعيين، والمكرَّس في النظرة المشتركة لضرورة دعم محيط المؤسسة الجزائرية وتحسينه من أجل تمكينها من لعب دورها المحرك للاقتصاد الوطني على أكمل وجه، داعين إلى دعم الإجراءات المتخَدة بخطط وآجال لتنفيذها في الميدان، ولا سيما على المستوى المحلي، فيما طالب ممثل منتدى رؤساء المؤسسات إبراهيم بن عبد السلام بضرورة وضع مخطط وطني لدعم النمو الاقتصادي على المديين المتوسط والبعيد، مؤكدا أن الجزائر تملك اليوم كافة الإمكانيات والوسائل التي تؤهلها لكسب مكانة كبيرة ضمن الدول الناشئة.