أحيا الفنان الشاوي حميد بلبش السهرة الثالثة لمهرجان تيمقاد الدولي في طبعته ال 37 بامتياز، مستحضرا روائع المرحوم كاتشو؛ تعبيرا منه عن فقدان رمز من رموز الأغنية الشاوية، «المساء» التقت به على هامش إحيائه حفله هذا، الذي أكّد من خلاله على عراقة التراث الشاوي، وأجرت معه هذا الحوار. ❊ مداومة حميد على المشاركة في المهرجان، هل تُعد استجابة لطلب المعجبين أم إدراكا بمسؤولية ترويج الأغنية الشاوية؟ — كلاهما صحيح؛ لقد استقبلتُ دعوة المشاركة بفرح وسرور وكلي سعادة لحضور هذه الطبعة التي تنشط في ظروف مميزة، ووفق شعار الوحدة للوطن والوقوف ندا للند ضد المؤامرات التي تحاك ضده. ومن هذا المنطلق أنا سعيد بالظهور مجددا على هذا المنبر لتمرير رسالة الفن. ونصيحتي للشباب ألا ينساقوا وراء الحملات المغرضة التي تهدد كيان الوطن. ❊ هل تعتقد أنّ للمهرجان دورا في تمرير هذه الرسالة؟ — بالطبع، فكلّ المهرجانات الدولية تؤدي هذه الوظيفة، مستغلة البعد العالمي للترويج للتراث والثقافات الإنسانية، التي تدعو في مجملها للتسامح والسلام. ومخطئ من يعتقد أنّ مهرجان تيمقاد هو تظاهرة للترفيه والتسلية، بل يجسّد من خلال سهراته الفنية التي يقترحها ديوان الثقافة والإعلام، مبادئ الثقافة، كما يأخذ أيضا بانشغالات الشباب فنيا واجتماعيا. ❊ هل تم في المهرجان مراعاة مشاركة فناني منطقة الأوراس؟ — أؤكّد على أهمية المشاركة المحلية لفناني المنطقة. وعلى العموم، حظي جميعهم بشرف تمثيل الأغنية الشاوية في الطبعات السابقة للمهرجان، كما أنّ برنامج الديوان لم يستثن المشاركة المحلية، بل تداول على ركحه عدّة وجوه فنية تركت بصماتها الفنية، وعرّفت بالأغنية الشاوية، فضلا عما تقدّمه الفرق الوطنية الأخرى والفنانون من مختلف ربوع الجزائر لدعم هذا المهرجان الكبير. ❊ تحوّل كبير شهدته الأغنية الشاوية مؤخرا، ما تعليقك؟ — لكلّ فنان خصوصياته، كما أنّ أعمالي الفنية المتنوّعة تنمّ عن حسّ ورغبة في تطوير الأغنية الشاوية في السياق الذي رسمته لنفسي منذ بداية مشواري الفني. وأملي كبير في النهل من التراث المنسي وتبليغه للأجيال، موازاة مع ذلك أجدّد دعوتي للتكفّل بالأصوات الشابة، ودعم الفرق الموسيقية التي تنهل من التراث. ❊ وما رأيك في التهافت على أداء أغان شبابية بعيدة عن التراث؟ — أدعم كل منافسة شريفة في المجال الفني في حدود ما يجسّد رسالة الفن. والظاهرة الشبابية حقيقة لا يمكن تجاهلها، ولا يمنعنا ذلك من العمل الجاد، كما يجرنا أيضا إلى التفاؤل بمستقبل الأغنية الشاوية مع وجود طاقات شابة يجب الاستثمار في قدراتها وتعزيزيها بالإمكانيات اللازمة لمواصلة الدرب. ❊ أين يكمن دور الفنان في دعم القضايا العربية؟ — سؤال مهم يثير الانتباه؛ ففي الوقت الراهن، يعيش المجتمع العربي تفتتا وتمزّقا بفعل فاعل وتأثير الغزو الثقافي، وهنا وجب الاحتياط وتوظيف الفن في التحسيس بأهمية التضامن والتآخي لتفويت الفرصة على المتربصين بالوطن، فالفن يجب أن يعزف بقوّة على هذا الوتر، نعم أن يعزف على وتر السلام في المقام الأول، وكذا أن يدعو للحب والسلام، إضافة إلى تدعيم القضايا العربية لإنهاء كلّ الخصومات والنزاعات بالمنطقة. ❊ ما هو انطباعك عن الحفل الذي نشّطته؟ — لقد خرجت بانطباع جيد من هذا الحفل، وأنا على دراية بأنّ جمهور تيمقاد متذوّق للفن؛ حتى إنّني فضّلت النزول من المنصة لأشعر بهذا الإحساس القوي عن قرب. كما كان تجاوب الجمهور قويا من المدرجات التي احتضنت أيضا التوأم الكفيف الحسن والحسين على إيقاع الرقص. حقا، أحسست بالوطنية تفيض من هذا الشباب الرائع الذي لا يمكنه أن يحيد عن قيم رسمتها الثورة التحريرية المباركة. ❊ وماذا عن جديدك؟ — سيصدر لي قريبا ألبوم جديد، أحاول فيه دعم كلّ الجهود المتعلقة بتطوير الأغنية الشاوية وتحقيق رغبات جمهوري. ❊ وبماذا نختم؟ — أشكر قراء «المساء» التي أتاحت لنا هذا الحيز للتعبير عن خوالجنا، وأعتبرها فعلا فضاء إعلاميا يهتم بكلّ الفنانين بدون إقصاء. كما أشكر بالمناسبة جمهوري العزيز الذواق للفن، الذي يتفاعل مع أدائي وكل الساهرين على إنجاح فعاليات الطبعة. وفي الأخير أدعو إلى الالتفاف حول الوطن الأم.