لاتزال التعليمة التي وجّهها كل من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي للعمال الأجراء والصندوق الوطني للعمال غير الأجراء إلى الوكالات الصيدلانية والتي تنص على استفادة المصابين بداء السكري من الصنف 2 والذين يتناولون حبوب العلاج وحالتهم مستقرة، من علبة واحدة تحتوي على 50 شريطا كل 90 يوما، تثير ردود أفعال الأخصائيين بعد تلك الصادرة عن المرضى الذين دعوا إلى ضرورة مراجعة هذه التعليمة، أو على الأقل إعادة دراستها بشكل تراعَى فيه حالة المريض أوّلا قبل أن تحدد فيه الكمية والكيفية التي يتم بها تعويض شرائط قياس السكر. واعتبر الأطباء أن قرار تحديد استعمال كمية عدد شرائط قياس نسبة السكر في الدم، ينبغي أن يتم من طرف الأخصائي الذي يتابع المريض وليس من قبل إدارة الصندوق، التي كانت قد تراجعت عن نفس القرار سنة 2011. وفي الموضوع، دعا الدكتور سمير عويش، وهو أخصائي في داء السكري بالمؤسسة الاستشفائية الجامعية مصطفى باشا، الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي إلى ضرورة دراسة حالة المريض بداء السكري قبل تحديد الكمية والكيفية التي يتم بها تعويض شرائط قياس نسبة السكّر في الدم. وعبّر الدكتور عن "رفضه القاطع" لقرار تحديد علبة واحدة تتكون من 50 شريطا لقياس نسبة السكر في الدم من طرف صندوق الضمان الاجتماعي. وأكد الأخصائي أن بعض حالات المصابين بداء السكري الذين يعانون من عجز كلوي ويتناولون دواء سولفاميد على سبيل المثال، تستدعي استعمال ما بين 3 و4 شرائط يوميا لقياس نسبة السكر في الدم، مما يستلزم ما بين 270 و360 شريطا كل ثلاثة أشهر، معتبرا في هذا الصدد أن الطريقة التي حدد بها صندوق الضمان الاجتماعي عدد الشرائط (50 شريطا كل ثلاثة أشهر) "لا تخدم" هذه الفئة من المصابين، داعيا إلى ضرورة استشارة الأخصائيين في داء السكري لوضع مخطط علاج يتلاءم مع حالة كل مريض. ويقول الطبيب إنه رغم أن صندوق الضمان الاجتماعي قد برر تطبيق هذا القرار بكونه يتماشى وتوصيات المنظمة العالمية للصحة المتعلقة بتحديد كمية استعمال شرائط قياس نسبة السكر في الدم، فإن النقابة الوطنية للوكالات الصيدلانية ترى أن عدد الشرائط التي حددها الصندوق "غير كاف"، مطالبة برفع هذا العدد إلى علبتين أو ثلاث علب لكل 90 يوما. للإشارة، كان المدير العام للضمان الاجتماعي بوزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي جواد بوركايب، قد أكد أن قرار تحديد استعمال شرائط الفحص الذاتي سيطبَّق بعد شهر رمضان، وسيخص فقط مرضى السكري (نوع 2) الذين يتناولون الأدوية عن طريق الفم ونسبة السكر في دمهم مستقرة، بما يؤكد أن قرار تحديد كمية شرائط قياس نسبة السكر في الدم بعلبة واحدة كل ثلاثة أشهر، لن يمس كل فئات مرضى السكري. وهو القرار الذي أيده وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات السيد عبد المالك بوضياف، الذي أكد أن قرار تحديد كمية شرائط قياس نسبة السكر في الدم بعلبة واحدة فقط لكل ثلاثي، لن يؤثر على عملية التكفل بالمريض، مشيرا إلى أنه رغم أن القرار لم يُتخذ على مستوى وزارة الصحة إلا أنه لا يرى أي مانع باعتبار أن مثل هذا القرار لا يمكنه بأي حال من الأحوال، التأثير على عملية التكفل بالمريض، مؤكدا أن ما يهم هو أن المريض يتحصل على الحصة اللازمة من شرائط قياس نسبة السكر في الدم، وأن يستفيد من التكفل الطبي. وبين قرار المسؤولين وآراء الأخصائيين والأطباء، اعتبر عدد من المصابين بداء السكري أن قرار تحديد كمية شرائط قياس نسبة السكر في الدم بعلبة واحدة كل ثلاثة أشهر لفئة مرضى السكري (نوع 2) الذين يتناولون الأدوية عن طريق الفم فقط ونسبة السكر في دمهم مستقرة، "لا يخدم مصلحة المصابين بقدر ما يضرهم"؛ باعتبار أن هذا الداء المزمن يحتاج إلى "عناية طبية خاصة ومتواصلة للحيلولة دون إصابة المريض بأعراض أخرى قد تنجم عنه". وعبّر المرضى عن عدم رضاهم عن القرار الذي صنفوه في خانة التقشف، الذي لا يمكن، حسبهم، أن يطال الأدوية، وخاصة في شرائط الفحص الذاتي التي يستعملها المصاب عدة مرات يوميا لقياس نسبة السكر في الدم، معتبرين أن توفير شرائط قياس السكر "ضروري لفائدة المريض"، ولا يوجد فرق بين المصاب بالسكري من النوعين (1 و 2)؛ لأن كليهما مصاب بداء مزمن ويحتاج يوميا إلى كل الوسائل الطبية اللازمة بما فيها الشرائط، علما أن هذا المرض يتطور إلى مضاعفات خطيرة مع مرور الزمن؛ مما يستدعي توفر كل الوسائل الضرورية للتكفل الصحي بالمصاب. وفي السياق، كان رئيس الفيدرالية الوطنية لجمعيات المصابين بداء السكري السيد نور الدين بوستة، قد عبّر عن رفضه القاطع للقرار الخاص بتحديد علبة واحدة فقط خلال 90 يوما لشرائط قياس نسبة السكر بالدم لدى مرضى السكري من الصنف الثاني، الذين تكون هذه النسبة مستقرة لديهم، واصفا قرار الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الخاص بتحديد كمية الشرائط والذي من المقرر أن يدخل حيّز التنفيذ بعد شهر رمضان الكريم، ب "غير المقبول"؛ نظرا لعدد المرات التي تقتضيها عملية قياس نسبة السكر في الدم في اليوم (من 4 إلى 5 مرات). وذكر السيد بوستة بأن القرار الجديد يتضمن تحديد علبة واحدة فقط من شرائط قياس نسبة السكر في الدم لمدة 90 يوما؛ أي باستعمال هذه الشرائط خلال مرتين فقط في اليوم، وهو عدد "غير كاف" بالنسبة للمصابين بداء السكري من الصنف الثاني؛ نظرا "للتعقيدات التي يتعرضون لها حتى وإن كانت نسبة السكر في الدم مستقرة نسبيا". وعبّر رئيس الفيدرالية عن أسفه لاتخاذ الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي مثل هذا القرار بصفة "أحادية" بدون استشارة الشركاء؛ من أطباء أخصائيين وجمعيات المرضى والصيادلة. وبخصوص تصنيف المرضى، أكد السيد بوستة أن عددا كبيرا من المصابين بالسكري بصنفيه الأول والثاني والبالغ عددهم أزيد من 500 ألف مصاب عبر الوطن، يستعملون الأنسولين، ويتناولون حبوب العلاج عن طريق الفم في نفس الوقت، متسائلا عن كيفية تصنيف هؤلاء من طرف الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، الذي ركز في قراره على المصابين من الصنف الثاني، الذين يتناولون الحبوب عن طريق الفم، وتكون نسبة السكر في الدم لديهم مستقرة.