يقال إنّ الغناء المحترم يجب أن يخرج إلى رحاب الفن بمنهجه وتصوّره ورسالته، فيتناغم مع حاجيات العصر، هذا شأن متفق عليه. والفنان صاحب الهدف السديد هو القادر على إثبات عبقريته وقدرته على التمييز والعطاء. من هذا المنطلق ركّزت “المساء” في محاورة الشاب رضوان على هذه الخصوصيات، ففتح صدره وردّ على العديد من القضايا المتعلّقة بعالم الفن ككلّ، ودور المهرجان في تطويره والترويج له. ❊❊ عدت مجددا لمهرجان تيمقاد المنظم تحت شعار “شعب واحد ووطن واحد”؟ — أصبح مهرجان تيمقاد بالنسبة لي محطة فنية سنوية؛ فهو يُعدّ فسحة مهمة في حياة الفنان، وطابعا بريديا لكلّ فنان، وسعادتي لا توصف وأنا ضيفه لثالث مرة، حاملا معي رسالة للشباب وجمهوري الخاص الذي ألفته بتيمقاد وتربطني به علاقة حميمية. سأعمل بالمناسبة وأنا متواجد بباتنة على إرضائه ودعم شعار الطبعة المميز. وبودي، بالمناسبة، أن أشكر المبادرين به، وأدعو كلّ الفنانين للعمل على تجسيده ميدانيا؛ لأنّ الأمر يتعلّق بواجب وطني. ❊❊ اعتمادا على تجربتك الميدانية، هل تعتقد أنّ مهرجان تيمقاد بإمكانه الارتقاء إلى العالمية؟ — بالطبع في وجود نية حسنة من أهل المنطقة، وجهود مسؤولي الديوان الوطني للثقافة والإعلام الذين يعملون ما بوسعهم لاستقطاب أكبر عدد من الفنانين الأجانب، فضلا عن السمعة التي اكتسبها مؤخّرا، والطلب يزداد عليه من سنة لأخرى، إلا أنّ الترويج له إعلاميا أصبح أكثر من ضرورة ملحّة؛ كي يضاهي مهرجانات كبيرة مع دعمه بأنشطة ثقافية موازية. ❊❊ وفي اعتقادك، هل يكفي تقديم الأغاني القديمة؛ بما أن الجمهور دائما في تواصل مع الفن ويطلب الجديد؟ — يحقّ للجمهور المطالبة بذلك، وأنا أكنّ كلّ احترام لجمهوري، أطربه بما يروق له من ريبارتواري الذي يُعدّ امتدادا لمطالبه، طبعا مع التنويع بين الجديد والقديم، فالغاية إنجاح المهرجان، أمّا الجمهور فلن نتوانى في إسعاده بالجديد طوال السنة. ❊❊ ما سرّ نجاح الراي خاصة مع بروز موجة الآنية الشبابية التي تزداد انتشارا؟ — الراي كلون جزائري له روّاده وخصوصياته،يعتمد على الموسيقى الخفيفة؛ فهو يعاصر التطوّر الحاصل في المجال الفني. وبخصوص الظاهرة الجديدة في الغناء فقد أصبحت واقعا معيشا، وتمثّل تعبيرا عن حاجات بداخل (أنا) الشباب الذي يعيش مشاكل اجتماعية. ❊❊ وبماذا تردّ على الذين يعتبرونه فن أعراس وملاهٍ فقط؟ — لا أعتقد ذلك؛ هذا شيء مبالَغ فيه، وإلاّ كيف نفسّر ما حقّقه من رواج تعدى الحدود الجغرافية للوطن، واكتسح العالمية بفضل الشاب خالد ومامي وغيرهما، فالراي اسمه وهران ولا أحد بإمكانه تكسيره، ولايزال فنا قائما في حدّ ذاته، وله روّاده؛ فهو لون فني ملتزم يدعو للحب والسلام والوحدة الوطنية، وما دون ذلك فهو محاولات فاشلة لتكسيره بالفن العفن الذي وجب محاربته. ❊❊ هل الموسيقى الإلكترونية نعمة أم نقمة على الفن الجزائري؟ — بالطبع تُفقد الفن الجزائري ميزاته وخصوصياته، لكن الذين يراهنون عليه إنّما لتحقيق أهداف تجارية؛ بالاعتماد على موسيقى غير مكلّفة لا تعكس حقيقة المجهود الذي يبذله الفنان والموسيقيّ معا، لكن هذه الظاهرة موجودة ويجب التكيّف معها والتحكّم فيما تَفرّع من الراي؛ من “أرنبي” وموسيقى الهيب هوب. ❊❊ هل يؤدي في اعتقادك الإعلام الجزائري دوره في خدمة الفن؟ — هذا بدون أدنى شك، وهنا بودي أن أثمّن ما يقوم به الإعلام الجزائري في تطوير وترويج الفن الجزائري؛ الإعلامي شأنه شأن الفنان، وكلاهما يحمل رسالة. ❊❊ هل تعتقد بضرورة وجود تنظيم يحمي الفنان؟ — أكيد، وليس فقط تنظيم؛ لأنّ الفنان في حاجة إلى قانون أساس يحمي مساره الفني ويؤمّن له المستقبل. مشاكل الفنانين كثيرة، منها ما له علاقة بالسرقة الفنية التي أصبحت ظاهرة مقلقة على حساب جهود الفنان الذي تُسرق منه الأحاسيس التي يتغنى بها، وهنا يكمن دور الديوان الوطني لحماية حقوق المؤلف والحقوق المجاورة، الذي يواجه مشاكل السرقة الفنية والقرصنة وغيرهما من الأمور التي لا تخدم الفن، لكن ذلك لن يؤثّر على مستقبل الفنان، الذي هو في تواصل ونضال مستمرين. ❊❊ ألم تفكر في إنجاز ديو مع فنانين شاوية؟ — أريد أنّ أشير في المقام الأوّل، إلى أنّ سكّان الأوراس يستلهمون من الراي ويتذوّقونه، وبما أنّني لمست التطوّر الحاصل في الأغنية الشاوية التي لها روّادها، فلن أتأخر كلّما أتيحت لي فرصة أداء عمل فني مشترك مع فنانين من منطقة الأوراس، وسبق لي أن أديت تجربة مع حميد بلبش، وقدّمت معه أغنية “خلاص” بخنشلة. ❊❊ كلمة أخيرة تختم بها، وإن تعلّق بجمهور ثاموقادي فلا مانع؟ — بادئ ذي بدء، أشكر الجريدة التي أتاحت لي هذا الحيز، وأتمنى لها الدوام والاستمرارية في تأدية رسالتها، وبالتالي خدمة الفن والفنانين. وبخصوص جمهور تيمقاد لا يسعني إلاّ أن أحيّيه؛ فعلاقتي به متينة، وهو من العوامل التي يتوقف عليها نجاح الفنان، وأمنيتي أن أكون ضيف المهرجان كلّ سنة.