أشارت مديرية المجاهدين لولاية سكيكدة من خلال وثيقة تاريخية أعدتها، إلى الدور البطولي الذي لعبته سكيكدة، التي كانت تحتضن مقر القيادة التاريخية الثانية خلال الفترة الممتدة من 1954 إلى غاية 62 في مواجهة العدو المحتل مع اشتداد لهيب الثورة المظفّرة، والضربات الموجهة التي كان يتلقّاها من قبل المجاهدين الأبطال والفدائيين. جاء ذلك بعد أن عرفت الثورة بالمنطقة تحكما كبيرا سواء في الميدان العسكري أو في مواجهة الدعاية الاستعمارية؛ إذ قام العدو المحتل بإقامة 79 ثكنة عسكرية ومعسكرات خاصة للمظليين، إلى جانب 10 ثكنات للجندرمة و62 مكتبا للشؤون الأهلية، أو كما كانت تُعرف بمكاتب "لاصاص"، إلى جانب أربع محافظات للشرطة، من دون الحديث عن البوليس السياسي وشبكة العملاء الذين جنّدهم المحتل في المدن والقرى والمداشر لوأد الثورة منذ اندلاعها في الفاتح من نوفمبر العظيم. كما قامت بإنشاء قاعدتين بحريتين عسكريتين مدعمتين بالمروحيات، إضافة إلى مطار عسكري. وحسب نفس الوثيقة فإن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل تعدى وحشيته حينما قام بداية من سنة 1955 ومباشرة بعد تعيين السفاح أوساريس الذي عُيّن على 21 مركزا متخصصا في التعذيب، مجهز بأحدث وأبشع وسائل التعذيب التي فاقت في بشاعتها تلك التي استعملتها النازية. للإشارة، فقد وُزعت هذه المراكز المتخصصة في الاستنطاق والتعذيب، على مدينة سكيكدة التي أقيمت بها أربعة مراكز، وبالقل ثلاثة مراكز بكل من الحروش وعزابة ورمضان جمال وأولاد أعطية وكركرة وابن عزوز وأمجاز الدشيش وسيدي مزغيش والزيتونة وعين بوزيان، وببني بشير مركز واحد، فيما أقامت ببلدية عين قشرة مركزين اثنين. 21 موقعا للتقتيل والإبادة الجماعية ... وفيما يخص التقتيل الجماعي والمجازر الجماعية التي مارستها سلطات الاحتلال ضد المواطنين العزّل، فقد أقام العدو في أماكن عديدة من هذه الولاية، 21 موقعا، موزعة على كل من الملعب البلدي ومشتة الزفزاف ومشتة بارو بسكيكدة ومنجم الحديد والعاليا بفلفلة وحجر الرومان ببلدية الحدائق وعين أحلوف الكاف والصفيصفة وبوحلبس بمجاز الدشيش وجندل وبير بوناب بسيدي مزغيش والحروش ورمضان جمال وتالزة بالقل، ورأس الماء بعزابة، وفياصل ببلدية عين شرشار، وزردازة تانقوت ببلدية السبت، ومزرعة بارو بحمادي كرومة، ومشتة بني زيد ببلدية بني زيد. 117 محتشدا لفصل الشعب عن جيش التحرير ولا بد أن نشير هنا، حسبما جاء في نفس الوثيقة، إلى أنه أمام تصاعد لهيب الثورة والتفاف المواطنين بسكيكدة حولها منذ اندلاعها، لجأ المستعمر الفرنسي أمام عجز قوّته عن مواجهة بواسل جيش التحرير الوطني الذي وجد في الشعب الذي وقف بجانبه القوة المعنوية الكبيرة التي دفعته كي يقارعه مقارعة الأبطال، لجأ إلى إنشاء 117 محتشدا محاطا بالأسلاك الشائكة، يتوسطها مكتب لاصاص، كما أن الدخول إليها يتم بوثيقة أمر الدخول. بدأت عملية ترحيل السكان إليها بداية من أواخر سنة 1956. وزيادة على هذا، أنشأ المستعمر 138 برجا للمراقبة موزعة عبر كامل تراب الولاية.