أكد مصدر دبلوماسي، أمس، أن المصادقة على اللائحة الأممية حول ليبيا تعد انتصارا لقناعة الجزائر بأهمية تغليب كفة الحل السياسي على الخيار العسكري، مشيرا إلى أن الجزائر كانت من أولى الدول التي دعت إلى تبني الحوار بين الفرقاء الليبيين ونجحت في جعل المجموعة الدولية، وعلى رأسها منظمة الأممالمتحدة، تتبنى المسعى السياسي والذي رغم أن طريقه شاق، إلا أن نتائجه ستظهر بالتأكيد على المدى الطويل. وأشار المصدر في تصريح خاص ل"المساء" إلى أن الجزائر التزمت منذ البداية بتشجيع الحوار بين الفرقاء الليبيين عبر الآليات التي توفرها منظمة الأممالمتحدة، من منطلق أن الأزمة في هذا البلد شهدت تعقيدات كبيرة بسبب وجود اختلافات في التوجهات السياسية بين الأطراف الليبية، مما صعب التوصل إلى التوافق في وقت وجيز. غير أن الجزائر - يضيف المصدر- حرصت على تشجيع الحل السياسي بالنظر إلى تجاربها في حل النزاعات والتي كانت آخرها أزمة مالي التي أفضت إلى التوقيع على اتفاق السلم والمصالحة يوم 20 جوان الماضي. وفي رده على سؤال حول طبيعة المرافقة التي ستقدمها الجزائر للأطراف الليبية خلال المرحلة الانتقالية، أوضح مصدرنا أن الجزائر دأبت على الاستجابة لانشغالات جيرانها، كون ذلك نابع من سياستها الخارجية، مؤكدا أنها لن تبخل في تقديم خبرتها في مجال التسيير السياسي وبناء المؤسسات، إلى جانب تقديم خبرتها في الجوانب التقنية لتعزيز مهام الأجهزة الأمنية في إطار مجابهة التحديات الأمنية الداخلية الخطيرة التي تشهدها ليبيا بسبب تنامي العمليات الإرهابية، من منطلق أن أمن دول الجوار من أمن الجزائر وأمن الجزائر من أمن دول الجوار. وأوضح المصدر الدبلوماسي أن الجزائر تبدي استعدادها الدائم للوقوف إلى جانب الأشقاء حتى يتجاوزوا محنهم، مذكرا في هذا الصدد بوقوفها إلى جانب تونس عقب "ثورة الياسمين"، حيث تكثفت علاقات التعاون بين مسؤولي البلدين لتشمل كافة المجالات، لاسيما فيما يتعلق بالشق الأمني ومكافحة الإرهاب، كما أبدى الأشقاء في تونس رغبتهم الكبيرة في الاستفادة من تجربة الجزائر الطويلة في مجال مكافحة الإرهاب، يضيف المصدر. وبذلك تكون المساعي التي قامت بها الجزائر بخصوص تقريب وجهات نظر الأطراف السياسية الليبية، من خلال استضافتها لجولات الحوار قد أتت أكلها، لتتأكد بذلك فعالية مقاربتها التي ارتكزت على ضرورة تشجيع الحل السلمي والمصالحة بين الفرقاء. ورغم أنها لا تتحمل تبعات التدخل العسكري في ليبيا، والذي أفضى إلى إسقاط نظام العقيد القذافي وما أفرزه بعد ذلك من فوضى انتشار الأسلحة وتنامي العمليات الدموية، إلا أن الجزائر لم تتردد منذ البداية في الاستجابة لطلب أطراف ليبية، بخصوص دعم الجهود لإيجاد تسوية سلمية للنزاع، حيث تجلى ذلك في استقبالها لشخصيات ليبية. وتستند رؤية الجزائر لحل الأزمة، إلى إرساء مسار لجعل الأطراف الليبية تلتزم بأسس تشكل قاعدة للمفاوضات المتمثلة في احترام الوحدة والسلامة الترابية والالتزام بإقامة دولة حديثة ومكافحة الإرهاب ورفض أي تدخل مهما كان مصدره في الشؤون الداخلية. وترى الجزائر أهمية تعزيز التنسيق بين دول الجوار وتدعيم كل الجهود والمساعي والمبادرات الليبية الهادفة إلى إرساء الحوار الوطني وإخماد نار الفتنة وتعزيز دعائم مؤسسات الدولة والمسار الديمقراطي في كنف الأمن والاستقرار. كما حرصت الجزائر على حشد الدعم الدولي لفائدة ليبيا بتضافر مختلف الجهود الفردية والجماعية، حيث نشير في هذا الصدد إلى الاجتماعات المنتظمة التي قامت بها دول الجوار من أجل مواجهة المخاطر التي تواجه ليبيا ومساعدتها للخروج من دوامة العنف والاقتتال والاحتكام إلى لغة الحوار. ونذكر في هذا الصدد الاجتماع الأخير الذي احتضنته الجزائر مطلع الشهر الجاري. وكان وزير الشؤون المغاربية والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية، عبد القادر مساهل، قد أكد، أول أمس، ضرورة أن يتبنى الأشقاء في ليبيا الحل السياسي كونه يسمح بالالتفاف حول مؤسسات جديدة تعترف بها الأممالمتحدة والمجتمع الدولي كسلطات انتقالية وحيدة وشرعية وتجاوز خلافاتهم بغرض وضع مصلحة أمتهم فوق كل اعتبار.