توقع وزير الدولة، مدير الديوان برئاسة الجمهورية، أحمد أويحيى، عرض المشروع التمهيدي لمراجعة الدستور على البرلمان منتصف فيفري المقبل، ووصف هذا المشروع بالعقد الوطني المتجدد، مدافعا عن ممارسة رئيس الجمهورية لصلاحياته الدستورية في تمرير هذا المشروع على البرلمان بغرفتيه، فيما برر لجوء المشرع إلى تحديد العهدات الرئاسية بعهدة قابلة للتجديد مرة واحدة بعد فتحها في 2008، بإملاءات الظروف وضرورة الاستجابة لمطالب الشعب الجزائري. بعد تذكيره بأن قرار الفصل في آجال إيداع مشروع التعديل الدستوري على البرلمان للمصادقة عليه، يعود إلى رئيس الجمهورية، توقع السيد أويحيى، وصول هذا المشروع إلى الهيئة التشريعية منتصف شهر فيفري المقبل، وذلك بحساب الآجال التي يستغرقها مسار مرور المشروع في شهر جانفي الحالي على مجلس الوزراء، ثم إيداعه لدى المجلس الدستوري الذي سيفصل في دستورية أحكامه وفي تطابقه مع الآلية البرلمانية، "وذلك في غضون 10 أو 15 يوما" على حد تقديره. واعتبر السيد أويحيى خلال الندوة الصحفية التي عقدها في أعقاب عرضه فحوى مشروع التعديل الدستوري، بإقامة الميثاق بالعاصمة بأن اختيار الرئيس بوتفليقة للبرلمان كآلية لتمرير الدستور بدلا من الاستفتاء الشعبي، يعد تكريسا واحتراما لصلاحية يمنحها الدستور لرئيس الجمهورية، مذكرا بأن الفصل في قبول هذه الآلية أو اعتماد طريق الاستفتاء الشعبي يعود إلى المجلس الدستوري الذي يملك كل الصلاحيات لإقرار رأيه في الموضوع. تعليلا لموقفه الداعم اليوم لمبدأ غلق العهدات الرئاسية وتحديدها في عهدة واحدة قابلة للتجديد، بعد أن كان في 2008 قد أعلن دعمه لقرار فتح العهدات الرئاسية، أوضح السيد أويحيى بأن الأمر لا يعتبر تناقضا في الرأي أو الموقف، على اعتبار أن ذلك يرتبط بظروف معينة عاشتها البلاد في كل مرحلة من المرحلتين، "حيث كان لابد من الاستجابة للمطلب الشعبي الملح بضرورة ترشح الرئيس بوتفليقة لعهدة ثالثة في 2009"، مضيفا في هذا الصدد بأن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي يعتبر "رجلا له مكانة خاصة وماض ثوري ويعود له الفضل في تحقيق السلم والاستقرار وإنجاز البرامج السكنية وخلق مناصب الشغل، جعل من ترشحه في 2014 تضحية". كما علل السيد أويحيى تأخر تجسيد التعديل الدستوري الذي كان الرئيس بوتفليقة قد أعلن عنه منذ وصوله إلى سدة الحكم في 1999، كون الأولويات الوطنية التي كان على الرئيس مجابهتها، اقتضت الاهتمام في البداية بوقف إراقة الدماء وإعادة الأمن والاستقرار إلى ربوع البلاد وإرساء دعائم المصالحة والسلم وبعث التنمية الوطنية وتلبية الحاجيات الاجتماعية ثم الانطلاق في ورشات الإصلاحات السياسية التي توجت بإصدار 12 قانونا ذي طابع سياسي. واعتبر أويحيى في نفس السياق إرجاء موعد تعديل الدستور فرصة مواتية، سمحت بإشراك جميع الأطراف في بلورة المشروع والاستماع إلى مقترحاتهم. المشروع يحمل 80 بالمائة من مقترحات المشاركين في المشاورات يحمل المشروع التمهيدي لمراجعة الدستور نحو 80 بالمائة من المقترحات التي قدمتها الأطراف المشاركة في الجولات الثلاث التي انتظمت من أجل بلورته، والمتمثلة في الأحزاب السياسية والتنظيمات الفئوية وجمعيات المجتمع المدني وكذا الشخصيات والكفاءات الوطنية، حيث أكد أحمد أويحيى بأن كل المقترحات التي تم جمعها في المشاورات التي أشرف عليها رئيس مجلس الأمة في 2011، ثم الوزير الأول في 2012 وبعدها هو شخصيا (وزير الدولة، مدير الديوان برئاسة الجمهورية) في 2014 تم تبنيها في هذا المشروع، مشددا على طابع الحوار الوطني الذي أراد الرئيس بوتفليقة تكريسها من خلال تلك الاستشارات التي "لم يتم فيها إقصاء أي طرف" على حد تعبيره، ومبرزا في نفس الصدد حاجة الجزائر إلى كل أبنائها. في سياق ذي صلة، اكتفى أويحيى في رده على سؤال حول ما إذا كانت مصالحه قد أرسلت نسخة من المشروع إلى مدني مزراق بالقول بأن "الإعلام الوطني هو من عمل على تضخيم هذا الشخص". شرعية المؤسسات قائمة والحديث عن فراغ السلطة ليس برنامجا أما بخصوص الأطراف التي أقصت نفسها من المشاورات السياسية، فاستغرب السيد أويحيى "خطابها المتكرر حول عدم شرعية السلطة وفراغ المؤسسات"، مجيبا هؤلاء بقوله إن "شرعية المؤسسات أعطيت من قبل الشعب، أما الحديث عن فراغ السلطة فهو مجرد كلام لا يحمل أي برنامج" على حد قوله وذلك في رده عن بعض الأحزاب المعارضة التي اتخذت من الحديث عن فراغ السلطة خطابا متكررا في مختلف التظاهرات التي تنشطها. وأكد وزير الدولة، مدير ديوان رئيس الجمهورية في نفس السياق بأن "الدولة قائمة ورئيس الجمهورية يعطي الدليل يوميا على أنه يسيّر البلاد"، لافتا إلى أن الحكومة ومختلف أجهزة الدولة تعمل بشكل عادي، "في ظل متابعة رئيس الجمهورية الذي يعرض اليوم على الشعب أم القوانين".ردا على سؤال حول تشكيك المعارضة السياسية في شرعية البرلمان ورفضها لآلية تمرير المشروع الدستوري عبره، أوضح أويحيى أن الرئيس بوتفليقة حريص على ديمومة ومصداقية مؤسسات الدولة، مشيرا إلى أن البرلمان الذي يشكك البعض في مصداقيته سبق أن صادق على العديد من القوانين التي هي الآن حيز التنفيذ. التعديل الدستوري عقد وطني متجدد يكرس كل الحريات وصف وزير الدولة، مدير الديوان برئاسة الجمهورية المشروع التمهيدي لتعديل الدستور بالعقد الوطني المتجدد، كونه يأخذ بمقترحات كل الشركاء الوطنيين ويراعي التحولات التي يشهدها المجتمع الجزائري، مؤكدا تكريس هذا المشروع لكافة الحريات الفردية والجماعية بما فيها حرية التظاهر. وردا على سؤال حول أبعاد هذا المبدأ واستثناء العاصمة منه، أوضح السيد أويحيى أن في 47 ولاية التي تنظم فيها مظاهرات، لم يصدر أي قرار بمنع أي مظاهرة لأنها تتميز بالطابع السلمي "عكس تلك المنظمة بالجزائر العاصمة التي يستغل فيها المنظمون وجود الصحافة للقيام بأعمال تخريبية". كما أوضح المتحدث بأن المشروع يتضمن خمسة محاور أساسية ترمي إلى تعزيز الوحدة الوطنية والديمقراطية ودولة القانون، إلى جانب إدخاله تحسينات على مستوى بعض المؤسسات، لافتا إلى أن هذا المشروع لا يعتبر تغييرا في دستور الجزائر وإنما تعديلا له وتدعيما لدساتير سابقة أصدرتها الدولة انطلاقا من دستور سنة 1963، مؤكدا بأن الجزائر اعتمدت منذ سنة 1962 على النظام شبه الرئاسي، "فيما يربط تغيير الدستور بتغيير النظام". الجزائر قادرة على الخروج من الأزمة والمكاسب الاجتماعية لن تمس وبشأن إمكانية الجزائر رفع تحديات الأزمة الاقتصادية المطروحة وما ترتب عنها من تراجع مداخيل الدولة بفعل أزمة أسعار البترول، أكد أويحيى أن الجزائر تملك قدرات اقتصادية لو استغلت جيدا ستمكنها من الخروج من الأزمة بعد 5 أو 10 سنوات، وفي حين أكد تفهمه لمخاوف الجزائريين، طمأن أويحيى الشعب الجزائري بخصوص الحفاظ على مكاسبه الاجتماعية، حيث قال في هذا الإطار "في حال لجوء الحكومة إلى إجراءات جريئة، لا أعتقد أنها ستبدأ بالإجراءات ذات الطابع الاجتماعي"، مذكرا بالمناسبة بأن الدولة التي خصصت في إطار المخطط الخماسي الحالي 3000 مليار دينار للسكن بمختلف صيغه، لا زالت تكرس مبدأ المساواة في الأجور منذ 1962. كما ذكر بالإجراءات الجديدة المتضمنة في مشروع التعديل الدستوري، لتكريس الطابع الاجتماعي للدولة ومنها دسترة حماية الأراضي الفلاحية والموارد المائية، ومجانية التعليم وتكفل الدولة بدعم الفئات الهشة في المجتمع.