تحولت أغلبية شرفات البنايات القديمة المتواجدة بالحظيرة السكنية القديمة لولاية الجزائر إلى خطر حقيقي يحدق بمستعملي الأرصفة، نظرا لهشاشتها، أمام تأخر برامج الترميم التي كانت قد وعدت المصالح الولائية بالتكفل بها. أحصت مصالح الحماية المدنية وفاة أزيد من 20 شخصا جراء تساقط أجزاء من البنايات القديمة ومن بينها شرفات العمارات، حيث سجلت سنة 2011 أكبر نسبة، بكل من أحياء بلدية سيدي أمحمد، الجزائر الوسطى وباب الوادي. الخطر الكبير للأجزاء المشتركة أصبح مطروحا بحدة في ظل ارتفاع عدد الضحايا الذين يموتون سنويا جراء تساقط أجزاء الشرفات، أو حتى جدران البنايات التي أصبحت مصدر خطر حقيقي ومفاجئ يختطف أرواح مستعملي الأرصفة. عمارات باب الوادي حدّث ولا حرج انطلاقتنا إلى بلدية باب الوادي كانت عن اختيار مقصود، فالأحوال الجوية الممطرة كانت كفيلة بإظهار الخطورة الكبيرة التي تشكلها شرفات البنايات القديمة. وجهتنا الأولى كانت حي "رابح بساس"، هذه البلدية التي تعرف شوارعها بقدم النسيج الحضري الذي يعود للفترة الاستعمارية، حيث يؤكد سكان الحي ل«المساء" أن الحي شهد فيما مضى وفاة عجوز يبلغ من العمر 74 سنة، بعد أن سقط عليه جزء إسمنتي من الطابق الخامس على مستوى ذات الحي. بعض السكان الذين تحدثنا معهم كانوا لايزالون على وقع الفاجعة التي ألمت بأحد قاطني الحي بعد أن سقط عليه جزء من صخرة من الطابق الخامس، فكل الشباب لازالوا يصبون جم غضبهم على المصالح المحلية التي لم تكلف نفسها عناء التقدم لنزع الجزء المهدد بالانهيار على مستوى الطابق الخامس من البناية، اعتقادا منهم أن البلدية هي الجهة المخولة لحماية المواطنين الذين يقطنون بإقليمها. شرفات متصدعة ومتشبّعة بالمياه الكميات الكبيرة من الأمطار المتهاطلة، أصبحت من بين أكبر العوامل المناخية التي تزيد من اهتراء الشرفات، لاسيما القضبان الحديدية، حيث تتشبع أغلبيتها بمياه الأمطار قبل أن تنهار بشكل فجائي على رؤوس المارة، وهو حال كل العمارات المتواجدة بشارع "بيار روني"، "علي مشكان"، "حميد مراوبي"، شارع "إراتني"، ببلدية باب الوادي التي شهدت حالات انهيار خطيرة لشرفاتها خلال الأيام القليلة الماضية، لاسيما بعد التقلبات الجوية التي باتت تهدد بانهيار عدد كبير منها على اعتبارها تعد من بين أقدم البنايات المتواجدة بالمنطقة، فأغلبية السكان أصبحوا يعيشون حالة "هلع" ورعب كبيرين مع عودة الاضطرابات الجوية خوفا من انهيار مفاجئ لأجزاء من العمارات التي يقطنون بها في ظل غياب البديل. انهيار شرفة يقتل شابا في عيد ميلاده الحادثة الأليمة التي شهدها شارع حسيبة بن بوعلي ببلدية سيدي أمحمد، لايزال يتداولها التجار المشتغلون على مستوى المحلات التجارية المتخصصة في بيع الألبسة الجاهزة بهذا الشارع. حاولنا التقرب من "زهير" أحد البائعين لإثارة موضوع الخطورة الكبيرة التي أصبحت تتسبب فيها الشرفات المهددة بالانهيار فصرح قائلا: "لقد شهد الحي منذ سنة ونصف حادثة خطيرة بعد سقوط جزء كبير من شرفة انهارت على رأس شاب، الحادثة مازال يتذكرها الجميع"، مضيفا "شاءت الصدف أن يتوفى "محمد" وهو أب لطفلين في ذكرى عيد ميلاده الأربعين بعد أن قدم من مقر سكناه ببلدية بئر توتة، لتناول الغذاء بشارع حسيبة"، ويضيف محدثنا قائلا: "للأسف الخطر لايزال قائما ولا نعرف من تكون الضحية الموالية أمام عدم احتواء الوضع". شرفات حوّلت إلى ملاحق للمطابخ وغرف للنوم جولتنا عبر أحياء العاصمة، كشفت الكثير من التجاوزات الحاصلة من قبل السكان، فأغلبية الشرفات المتواجدة بحي الأفواج التابعة لبلدية سيدي أمحمد تم تحويلها إلى توابع للمطبخ، وأخرى تم تسقيفها باستعمال صفائح معدنية لتوسيع بعض غرف النوم في ظل أزمة السكن التي تعيشها أغلبية العائلات، حيث تم تحويل أجزاء كبيرة منها لتخزين المواد الغذائية كالبطاطا، الفلفل المجفف، البصل والثوم، والبعض حولها إلى ما يشبه المخزن لتكديس الأثاث القديم، عدد كبير من العائلات لجأت إلى نقل ثلاجاتها أيضا إلى الشرفات هروبا من هاجس "الضيق" داخل السكنات التي باتت لا تتسع لأفراد العائلة الواحدة. محمد 25 سنة، وجدناه بمحاذاة حي الأفواج ببلدية سيدي أمحمد، استوقفناه للحديث عن موضوع الشرفات المشرفة على الانهيار والتي باتت تهدد أرواح عشرات المارين عبر الطريق، حيث أجاب بلهجة استهزاء "مسألة الضيق أصبحت تستلزم على العائلات نقل حتى الثلاجات إلى الشرفات، أو تحويل عدد كبير من المستلزمات هروبا من شبح ضيق السكنات"، مضيفا أن الوضعية ليست متعلقة بحي الأفواج فقط، وكشفت الأرقام التي تم إحصاؤها من قبل المكاتب المختصة بولاية الجزائر تحت إشراف مديرية التعمير التي تتابع برنامج الانسجام الحضري بالتنسيق مع دواوين الترقية والتسيير العقاري بالعاصمة، أن المعاينات الميدانية التي تم إجراؤها أسفرت عن نزع 120 ثلاجة من الشرفات، بعد ما تبين أنها تعد من بين أكبر المسببات في انهيار أجزاء كبيرة من الشرفات لثقل هذه الأخيرة الذي يؤدي حتما إلى انهيار الشرفات القديمة التي لا تتحمل وزنا أكبر نظرا لهشاشتها.