تسجل المنظومة الصحية نقصا كبيرا في بعض المهن المرتبطة ببعض الاختصاصات الصحية؛ مما يؤثر بشكل كبير على تحسين الخدمات، ومن ذلك النقص المسجل في بعض اختصاصات شبه الطبي، على غرار الأعوان المكلفين بحفظ الجثث وكذلك حاملي نقالات المرضى، وهي المهن التي يؤكد بشأنها مختصون أن توفيرها يحسن كثيرا من الخدمة الصحية العمومية ويرفع الضغط عن المصالح، ناهيك عن إنقاص مظاهر الفوضى وأعمال العنف في بعض المصالح، لاسيما مصالح الاستعجالات. قال السيد كمال توري مراقب طبي رئيس بمصلحة جراحة الأعصاب بمستشفى مصطفى الجامعي، إن تحسين الخدمات الصحية لايزال مرهونا بترقية بعض المهن الصحية، خاصة في مجال شبه الطبي، ومنها أعوان حفظ الجثث وحاملو نقالات المرضى. ولفت إلى أن دعوات كثيرة رُفعت إلى الوصاية من أجل تغطية هذا العجز؛ تحسينا للخدمات الصحية، خاصة فيما يخص حاملي نقالات المرضى؛ "فمن غير المعقول أن يتحمل مرافق المريض، وفي الغالب يكون أحد والديه، جر مريضه نحو مصلحة طبية، يُمنع فيها منعا باتا دخول الأجانب عن المصلحة، مثل مصالح الجراحة"، يقول المتحدث. ويؤكد المتحدث أن النقص الفادح في أعوان شبه الطبي تظهر تبعاته جليا في انعدام حاملي نقالات المرضى (brancardiers)، فهؤلاء هم المخوَّل لهم فقط نقل المرضى إلى المصالح المتخصصة، وعلى رأسها الاستعجالات بالنظر إلى تكوينهم الخاص. كما إن هؤلاء الأعوان وبفضل التنسيق مع الأطقم الطبية العاملة بمختلف المصالح، يساهمون، بشكل كبير، في إنقاص الفوضى في المصالح الطبية، وخاصة بالاستعجالات. ونفس الأمر ينطبق على مهنة صحية أخرى تعاني النقص الفادح، ويتعلق الأمر بأعوان حفظ الجثث بالمصالح المتخصصة. وقال إنه من غير المعقول أن تقوم ممرضة، مثلا، بعمل ذي خصوصية كبيرة؛ كالتعامل مع حفظ الجثث وهي لم تخضع لتكوين خاص مسبق! من جهة أخرى، طالب ذات المراقب الطبي الذي تحدّث إلى "المساء" على هامش القافلة التضامنية لوزارة الشؤون الدينية لفائدة مرضى مصلحة جراحة الأعصاب، بتكثيف التحسيس فيما يخص التعامل الصحيح مع المرضى الخاضعين للاستشفاء، ومن ذلك عدم الجلوس على فراش المريض عند زيارته، أو حتى الجلوس في كراسي في غرفته. في السياق يدعو محدثنا من وزراة الصحة، إلى إعادة النظر في مواقيت وساعات زيارات المرضى، إذ يقترح، مثلا، جعل الزيارة في ساعة واحد فقط؛ من الواحدة إلى الثانية بعد الزوال لا غير، مع تحديد عدد الزوار، يقول: "الملاحَظ أثناء زيارات المرضى أن المريض الواحد قد يزوره ما بين 5 إلى 10 أفراد دفعة واحدة، هؤلاء يمكثون قربه حتى انتهاء الزيارة عند الثالثة مساء، وتكثر الفوضى، خاصة أن الغرف تتسع لسريرين، ولكم تصوّر حجم الفوضى الناجم لو أن كل مريض زاره أكثر من ثلاثة أفراد؛ فما بالكم بأكثر من عشرة؟!". ومصلحة جراحة الأعصاب بمستشفى مصطفى الجامعي قد أعيد فتحها في أفريل 2016، وهي تتسع ل60 سريرا بالإضافة إلى أربعة أسرّة في الاستعجالات. يجرى بالمصلحة ما معدله 3 إلى 4 عمليات جراحية يوميا ضمن البرنامج العادي. أما البرنامج الاستعجالي فيختص بالعمليات الجراحية المتسببة فيها حوادث المرور أو حوادث الجرح والضرب العمدي المفضي إلى الكسور والرضوض. وعن العمل التضامني سواء في رمضان أو غيره، يرى كمال توري أن كل عمل تضامني هدفه خير المريض مرحَّب به، ولكنه يرفع نداء إلى الجمعيات الخيرية بأن تغيّر من طبيعة الهبّات التضامنية مع المرضى، ويشرح ذلك بقوله: "بعد 28 سنة خبرة، أعتقد أن أحسن تضامن يوجَّه للمرضى خاصة الخاضعين للاسشتفاء، التبرع بغسالات أوتوماتيكية مثلا؛ حتى يتسنى للأم مرافقة مريضها مثلا، وغسل ملابسها وملابس مريضها، كذلك من المحبذ أيضا التبرع بإعادة طلاء مصلحة من المصالح الطبية، أو التبرع بأعمال الترصيص مثلا، الخاصة بدورات مياه بعض المصالح وغيرها من الأعمال التطوعية، الهادفة إلى تحسين استشفاء المرضى. ومن الأحسن على الإطلاق تفادي إحضار الأكل خوفا على عدم تماشيه مع الحمية الصحية للمريض مثلا، وتفاديا لتسجيل حالات تسمم".