صادفتني خلال زيارتي لمريضا في مستشفى مصطفى باشا الجامعي حالة من الذهول من الضغط البشري الهائل في الاستعجالات الطبيبة الجراحية وأغلب المرضى في حالات حرجة والتي سببت حالة من الهيستريا من أقارب وأهالي المريض. ومع الضغط المفروض من الطاقم الطبي والشبه الطبي، وأعوان الأمن تولّدت حالة من عدم التحكم في الوضع خاصة مع الاكتظاظ في قسم الإنعاش الطبي وقسم الجراحة ويبقى الطبيب الضحية الأولى باستقباله لسيل من السب والشتائم الرعاية الصحية هاجس المريض الوحيد في خضم هذه الفوضى، شدتني حالة طبيب في قسم جراحة الأعصاب وهو منهمك في علاج مريض مصاب في حادث سير خطير من دون مبالاة وابل من السب والشتائم من أقارب المرضى في قاعة الانتظار وهو في تركيز عال. ومع نهاية علاج المريض، قام باستقبال المريض الذي كان في قاعة الانتظار بابتسامة وحسن التعامل، مما أثر في نفوس أهل المريض فقدموا له الاعتذار عمّا صدر منهم. لذا على الطبيب أو السلك الطبي أن يتحلى بالرزانة والحكمة بحكم قداسة مهنته النبيلة والشريفة، وفي كيفية التعامل والتواصل مع المريض، لأن المريض هو في حالة صحية متدهورة وحالة نفسية صعبة، حيث يكمن دور الطبيب ليس في العلاج الدوائي بل أيضا في العلاج النفسي والذي يعتبر 50٪ من العلاج خلال التعامل الحسن مع المريض بلطف والاستماع له باهتمام لما يجده المريض من راحة نفسية والتي تمكّنه من تحسين حالته الصحية. والملاحظ في غالب مستشفياتنا شكاوى المواطنين من سوء استقبال وتوجيه المرضى والتعامل السيئ من السلك الطبي للمرضى من طول فترة الانتظار وفترة المواعيد التي قد تصل إلى أكثر من 6 أشهر خاصة المناطق البعيدة بالنسبة للمرضى المصابين بالأمراض المستعصية ومع حالته الصحية والنفسية المتدهورة يستقبل بنوع من التكبر وسوء التواصل والتعامل والتوجيه. وشخصيا صادفتني هذه المعاملة السيئة بمجرد السؤال عن الإجراءات الأولية لأخذ موعد من طبيب جرّاح فقوبلت بالإهانة والكلام السيئ وعدم الاحترام دون أي سبب بحكم وظيفته في المصلحة، ولكن بمجرد أن عرّفته بأنني طبيب تغيّرت المعاملة 360 درجة. لماذا لا تتعامل مع أي شخص أو مريض لتقديم العون أو الدعم المعنوي خاصة بالنسبة للمريض. يجب على الطبيب أن يشرح للمريض نوع حالته المرضية وأسبابه والأعراض الناجمة وكيفية التعامل مع المرض وكيفية تناول الجرعات المناسبة. وأيضا في حالة الكشف على مرض مزمن أو مستعصي فيجب تأهيل المريض نفسيا وكيفية تقديم الشروحات عن حالته الصحية مراعاة للصدمة أو الحالة النفسية المنتظرة وهذا هو دور الطبيب. وحسب لائحة أخلاقيات مهنة الطب والذي يتطلّب على الطبيب أن يلتزم بها وبقدسية المهنة الإنسانية والشريفة ووضع المريض فوق كل اعتبار لا على حساب الحالة الاجتماعية أو المهنية والعملية للطبيب أو الممرض. مستشفياتنا مريضة جراء كثرة الشكاوى من سوء التعامل مع المرضى والاهتمام والرعاية الصحية، حيث يجب رسكلة أو تكوين السلك الطبي لكيفية التعامل مع المريض من الجانب النفسي والمعنوي للمريض، إذ بمجرد الذهاب إلى المستشفى يصاب المريض أو أقارب وأهل المريض بحالة من الخوف وسوء الاستقبال والتوجيه وحتى إجراء فحص طبي روتيني يتطلب وسيطا حتى يقضي حاجاته والتزامته الطبيبة! الصحة من أهل القطاعات الحساسة في البلد، لذا يجب على الساهرين والقائمين عليها أن يضعوا أيضا أولوية المريض في الاعتبار بدءا بالسهر على توفير الخدمات الصحية المتوفرة وتطوير نوعية الخدمات الضرورية من ظروف العمل للسير الحسن لأعوان السلك الطبي، الذي يعود بالإيجاب على دور الطبيب والممرض لتقديم العون والدعم للمريض مستقبلا.