تحتضن جامعة "محمد خيضر" ببسكرة، كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية مخبر التغير الاجتماعي والعلاقات العامة في الجزائر، ملتقى وطني حول "تغير الأدوار الوظيفية في الأسرة الجزائرية يومي 6 و7 ديسمبر المقبل. يأتي تنظيم الملتقى ليناقش التغيرات التي تشهدها المجتمعات المعاصرة اليوم والتحولات العميقة التي مست مختلف مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، تغيرات غذاها التطور التكنولوجي وتنامي استخدام وسائل وتكنولوجيات الاتصال والمعلوماتية، ولعل الأسرة بشكلها البسيط المكون من الزوج والزوجة والأبناء أو ما يسمى بالأسرة "النواة"، تتأثر هي الأخرى بما يحيط بها من تغيرات كلها تؤثر في بنائها الاجتماعي عن طريق ما تورثه وتنقله للأبناء من وصفات وخبرات أسرية وتراث ثقافي للآباء والأمهات، مما يمنح للفرد هويته واعتباره الاجتماعي. ومهما تطور وتقلص شكل الأسرة البنائي والوظيفي إلى الأسرة "النواة" فإنها تظل أعظم جماعة إنسانية تؤثر على حياة الفرد والمجتمع، من أجل هذا يعد موضوع تغير أدوار الأسرة ووظائفها من الموضوعات التي شغلت المختصين في حقل السوسيولوجي قديما وحديثا، إلا أن التحولات المتسارعة ألقت بظلالها على الأدوار الوظيفية للأسرة، بدأ من التغير الذي حصل في الوظيفية البيولوجية بأشكال عديدة تتجسد في أطفال الأنابيب وتأجير الأرحام، وبعدما كان الزواج في شكله الأصيل واعتباراته العرفية والاجتماعية باشتراط السن القانوني وحضور الولي الشرعي للمرأة، تعرف اليوم هذه الروابط المقدسة تحولات ومظاهر منافية، الأمر الذي أباح للعديد من الأفراد ارتكاب تجاوزات خطيرة أضحت تهدد بنيان المجتمع، ولعل التغير الأخطر في التغيرات ذلك الذي مس منظومة القيم وأساليب الضبط الاجتماعي والتنشئة الأسرية وكذا السلطة الوالدية بعدما تخلت الأسرة عن أدوارها الأساسية وأوكلتها إلى مؤسسات التنشئة الاجتماعية، كدور الحضانة والمدارس وانشغال الأولياء بتحقيق الأمن الاقتصادي، الأمر الذي خلّف نقصا عاطفيا بين الزوجيين والأبناء تجلت ملامحه في ضعف مظاهر التوافق النفسي والاجتماعي للأفراد والأسرة. من جملة الأسباب أيضا التي أدت إلى إحداث التغيرات في أدوار الأسرة الجزائرية، خروج المرأة للعمل، والفهم الخاطئ للمقاربة المبنية على السعي لتحقيق المساواة بين الرجل والمرأة والذي كرسته جملة القوانين، الأمر الذي جعل الأدوار الوظيفية والاقتصادية هي الأخرى تعرف التغير ومن هنا تتضح المعالم والتحديات التي يمكن أن تواجهها الأسرة. من جملة المحاور التي ينتظر أن يناقشها المختصون في الملتقى نذكر؛ محور التغير في الوظيفة البيولوجية للأسرة ومحو التغير في أشكال الزواج والاعتراف به ومحور التغير في أنماط التنشئة الأسرية ومحور التغير في مؤشرات وأبعاد التوافق النفسي والاجتماعي لأفراد الأسرة، وأخيرا محور أشكال الإعالة الاقتصادية في الأسرة الجزائرية المعاصرة. ويسعى القائمون على أشغال ملتقى تغير الأدوار الوظيفية في الأسرة الجزائرية إلى تحقيق جملة من الأهداف أهمها: الكشف عن مظاهر وأشكال التغير الذي طرأ على الوظيفية البيولوجية للأسرة الجزائرية، وتسليط الضوء على التغيرات التي مست المنظومة القيمية وأساليب الضبط الاجتماعي والتنشئة الأسرية والسلطة الوالدية، وكذا توضيح ملامح وآثار الغيرات التي مست التوافق النفسي والاجتماعي لأفراد الأسرة.