لم يتحدث الدارسون في القديم أو الحديث عن شعر الصحابة حديثا يشفي غليل النفس، كما أن المعاصرين لم يهتموا هم كذلك بهذا الشعر، حيث غابت أية دراسة علمية تبرز قضاياه الموضوعية وتكشف خصائصه الفنية. لذلك اختار مؤلف كتاب »شعر الصحابة« الدكتور سعد بوفلاقة هذا الموضوع وخصه بالدراسة التي تجيب عن عدة تساؤلات فرضتها طبيعة الموضوع كأغراض شعر الصحابة وموضوعاته، وخصائصه الفنية. قسم الؤلف كتابه إلى ثلاثة أقسام الأول منها خاص بالخلفية السياسية والاجتماعية والثقافية لشعر الصحابة، والقسم الثاني خاص بالأغراض والموضوعات، والقسم الثالث خاص بالخصائص، ولأن الفترة التاريخية الخاصة بهذا الشعر طويلة ومتميزة الأحداث والمتغيرات، وخصبة العطاء فقد بات من العسير الوفاء بدراسة جميع جوانب شعر الصحابة خلال هذه الفترة، ولذلك اكتفى الكتاب بالوقوف على أبرز جوانب هذا الشعر وبخاصة ما يتعلق بالناحية الموضوعية والفنية. فيما يتعلق بالمنهج فقد اختار المؤلف المنهج التاريخي، لأنه المناسب لهذا البحث والذي يعتمد على الترتيب الزمني في تتبع الظواهر الأدبية وتفسيرها، اضافة إلى استعانته بمناهج بحث مختلفة كالمنهج الوصفي والمنهج النصاني. أشار المؤلف إلى أنه قام برحلات علمية خارج الوطن، إذ سافر إلى القاهرة، طرابلس، تونس، لبنان، الأردن، سوريا، السعودية، والمغرب، حيث اهتدى فيها إلى الكثير من المصادر والمراجع التي تخدم بحثه، كما اتصل ببعض رجالات الفكر والادب المهتمين بالادب العربي القديم واستفاد منهم، ومن بين المصادر التي اعتمدها المؤلف ذكر مثلا »الإصابة في أخبار الصحابة« للعسقلاني و»السيرة النبوية« لابن هشام و»الطبقات الكبرى« لابن سعد و»الأغاني« لأبي الفرج الاصفهاني وغيرها من المراجع. للإشارة فإن كتاب شعر الصحابة يقع في 274 صفحة من الحجم المتوسط ويضم صفحات على شعر الصحابة، كما أن البحث ذو موضوع أدبي شيق طالما أغفله الدارسون، علما أن أهمية هذا الموضوع تجلت عند المؤلف من خلال اطلاعه على المصنفعات القديمة، فوجد أصحابها الذين عنوا بجمع الشعر العربي القديم قد أولوا اهتمامهم للشعراء من غير الصحابة، وأغفلوا ما جادت به قرائح الشعراء من الصحابة الذين تجاوز عددهم 300 شاعر، واستثنى المؤلف بعض المراجع القديمة منها »صاحب الإصابة في أخبار الصحابة وابن هشام في »السيرة النبوية« وابن سعد في »الطبقات« والمفضل الضبي في »المفضلات« والأصمعي في »الأصمعيات« وأبو تمام في »الحماسة« وابن سلام الجمحي في »طبقات فحول الشعراء« لكن كل هذه المراجع لم تتحدث عن شعر الصحابة بشكل شاف وكاف. كتاب »شعر الصحابة« صادر على منشورات »بونة للبحوث والدراسات« بالتعاون مع وزارة الثقافة في إطار »الجزائر عاصمة الثقافة العربية 2007«.