أكد مختصون جزائريون أن عملية زرع الكلى في الجزائر متأخرة جدا مقارنة بالعديد من الدول التي قطعت أشواطا كبيرة في هذا المجال، ودعوا إلى ضرورة العمل أكثر من أجل إقناع وتحسيس الجزائريين بأهمية نقل الكلية من الجثة لإنقاذ حياة مريض، مؤكدين أن هذه العملية ستفرض نفسها لا محالة في السنوات المقبلة خاصة أن أكثر من 10 آلاف مصاب ينتظر الزرع. المختصون أشاروا إلى أن ذلك سيمكّن الجزائر من توفير الأموال الضخمة التي تكلف الخزينة العمومية في عملية تصفية الدم والمقدرة ب 864 ألف دينار سنويا للمصاب الواحد فقط. أشاد المشاركون في المؤتمر المغاربي السادس لمرضى القصور الكلوي بجهود الجزائر في التكفل بمرضى الكلى في الجزائر والذي شمل جميع المرضى دون تمييز، وهو ما اعتبروه مؤشرا جيدا على تحسن الرعاية الصحية في الجزائر مقارنة بدول شمال إفريقيا. مرجعين ذلك إلى عدة عوامل منها التدريب، حيث تم فتح مرحلة ما بعد التخرج في أمراض الكلى من أكتوبر 1988 التي مكنّت من تدريب أكثر من 600 طبيب مختص في اختصاص إمراض الكلى عبر التراب الوطني، بالإضافة إلى تطوير صناعة المنتجات الصيدلانية الوطنية وتأمين توريد المواد الاستهلاكية المختلفة مما سمح بالتحكم بشكل أفضل في التكلفة. وتطرق المشاركون في المؤتمر المغاربي الذي تزامن مع انعقاد المؤتمر الوطني ال23 لأمراض الكلى إلى عدة محاور تتعلق بالمرض، من بينها ضرورة المرور إلى مرحلة نقل الكلية من الجثة لتخليص المريض من عناء جهاز تصفية الدم «الدياليز»، حيث أفاد الدكتور سعيداني رئيس مصلحة أمراض الكلى بمستشفى بني مسوس أن إزالة الكلى من الجثة ستصبح حتمية في المراحل المقبلة، مشيرا إلى عدد ضحايا حوادث المرور الذي يفوق 4 آلاف شخص سنويا والذين يمكن إنقاذ حياتهم عن طريق الزرع. وتكلف الحصة الواحدة للتصفية 6 آلاف دينار بمعدل 144 عملية تصفية للشخص المصاب خلال السنة، وهو ما يكلف الخزينة 864 ألف دينار سنويا في الوقت الذي تكلف فيه عملية الزرع ما بين 100 و120 مليون سنتيم في السنة الأولى إذا نجحت العملية بدون تعقيدات لتبقى تكاليف 20 بالمائة من أجل المتابعة حسب الدكتور سعيداني الذي شدد في السياق على توفير وكالة زرع الأعضاء الإمكانيات اللازمة لتطوير زراعة الكلى في الجزائر. ويعتبر مرض الكلى المزمن من الأمراض الشائعة، حيث يمس ما يقارب 600 مليون شخص في جميع أنحاء العالم بما في ذلك 1.5 مليون جزائري، حسب المختصين الذين أرجعوا الأسباب الرئيسية للإصابة بهذا المرض إلى ضغط الدم بنسبة 30 بالمائة والسكري بنسبة 20 بالمائة. سجل في عام 2016 ما يقارب 900 23 من المرضى الذين يعانون من الداء الكلوي في مراحله الأخيرة، يتم التعامل معهم بتنقية كلى إضافية والزرع في الجزائر منهم 91 بالمائة يخضعون لغسيل الكلى، فيما بقيت عملية زرع الكلى لا تتجاوز نسبة 6 بالمائة. الهيموغلوبيريا الإنتيابية الليلية: مرض نادر أصاب 80 جزائريا أظهرت دراسة تضمنت قراءة وبائية لمرض «الهيموغلوبيريا الإنتيابية الليلية» الذي يعد من الأمراض النادرة جدا ويوجد أكثر من 80 جزائريا مصابا به وأن الشباب البالغ من جنس الذكر هو الأكثر عرضة لهذا المرض وأن الضعف والهيموغلوبين تبقى الأعراض الأكثر انتشارا لكن تبقى الجلطات الدموية، التعقيد الرهيب والسبب الرئيسي في الوفيات. وقدمت رئيسة مصلحة أمراض الدم بمستشفى تلمسان، وبصفتها رئيسة لمجموعة الخبراء في «الهيموغلوبيريا الإنتيابية الليلية»، البروفيسور نعيمة مسلي قراءة لأهم نتائج الدراسة التي شملت 81 مريضا تمت متابعتهم خلال 10 سنوات، موزعين عبر 13 مصلحة لأمراض الدم وذلك خلال لقاء علمي جمع أكثر من 130 مختصا في أمراض الدم والجهاز الهضمي والمناعة والكلى، نظمته من قبل مخابر آليكسيون بفندق السوفيتال بالجزائر. وأبدى المدير العام لمخبر «إليكسيون» في شمال إفريقيا، شفيق أوصديق ارتياحه لتسجيل علاج «إيكوليزوماب» المتداول في 50 بلدا من بينها الجزائر التي تم تسجيلها وشرع في اعتماده بداية من مارس الماضي، مما يسمح للعديد من المرضى الجزائريين بالعلاج والتمتع بحياة اجتماعية ومهنية عادية. علما أن هذا العلاج يمتاز عن بقية العلاجات المتعاقبة التي تقدم تحسنات عابرة ومرحلية أنه يسمح بتحسن مذهل على الصعيد الإكلينيكي والبيولوجي. من جهته، ذكّر رئيس مصلحة أورام الدم بمركز الاستشفائي «سانت كونتان» بفرنسا ورئيس الشبكة الجهوية للسرطان «بيكار أونكوبيك» البروفيسور رضا قريدي، بكافة الأعراض الإكلينيكية والتشخيص وكذا العلاجات المتعلقة بالهيموغلوبيريا الانتيابية الليلية، مدعما حديثه بحالات ملموسة. وركّز اللقاء العلمي من جهة أخرى على عرض ومناقشة مجموعة من الحالات المرضية من قبل العديد من رؤساء مصالح أمراض الدم على غرار البروفيسور محند الطيب عباد من مركز مكافحة السرطان بالبليدة وأمين بكاجة من مستشفى وهران ونور الدين سيدي منصور من مستشفى بقسنطينة والبروفيسور سليم نكال من مستشفى بني مسوس، حيث قدم كل منهم تشخيصا مطورا لهذا المرض ومتابعته، كما تم تسليط الضوء على المضاعفات الفتاكة في بعض الحالات في غياب العلاج الأمثل.