أكد البروفيسور مسعود زيتوني المكلف بتنسيق ومتابعة وتقييم المخطط الوطني لمكافحة السرطان، أن عدد حالات الإصابة بالسرطان بمختلف أنواعه، في ارتفاع مستمر؛ حيث يقارب 50 ألف حالة إصابة جديدة مقابل 45 ألف حالة في السنوات الأخيرة الماضية. ووضع زيتوني التغذية السيئة للجزائريين في قفص الاتهام، بعد أن أصبحت تتسبب في الإصابة بالسرطان بنسبة 30 بالمائة، فضلا عن التدخين والاستعمال المفرط للهاتف النقال، وهي عوامل حولت حياة الفرد الجزائري رأسا على عقب، وجعلته أمام أخطار كبيرة تهدد صحته. البروفيسور زيتوني الذي كان أمس ضيف "منتدى المجاهد"، دعا القطاعات الوزارية المعنية إلى الإسراع في الاهتمام بشكل جدي، والانطلاق في دراسة علمية حول النمط الغذائي الحالي الذي لا يمتّ بأي صلة للقواعد السليمة المعروفة للتغذية، مشيرا إلى ضرورة إحداث ثورة غذائية حقيقية، يكون هدفها الأساس التخفيض من نسبة الدهون والسكّر والملح في الأغذية والمشروبات المسوقة حاليا، والتي تحولت إلى سموم يستهلكها الجزائريون بشغف كبير. وبخصوص المخطط الوطني الذي بادر به ويتابع تطبيقه في الميدان شخصيا، رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، أوضح البروفيسور زيتوني أن تجسيد محاوره الأساسية يتم بخطى صحيحة وبشكل تدريجي، مبرزا أن المرحلة الأولى من المخطط ركزت على الوقاية والتشخيص المبكر، وهي العناصر الكفيلة بتخفيض نسبة الإصابة بهذا الداء الخبيث أو بتمكين مباشرة العلاج في مرحلة أولى وتفادي استفحال المرض وبلوغ درجة متقدمة من المرض. وألح البروفيسور من جهة أخرى، على ضرورة عقلنة النفقات وتفادي التبذير، وفي نفس الوقت توجيه الأموال المرصودة من قبل الدولة لمكافحة السرطان وعلاج المصابين بشكل دقيق وفعال، علما أن الميزانية التي خصصتها الدولة للمخطط الوطني لمكافحة السرطان، بلغت 180 مليار دينار بالإضافة إلى الصندوق الخاص بمكافحة السرطان الممول من الرسوم المفروضة على التبغ والكحول والهاتف النقال، والمقدرة قيمته ب 40 مليار دج. وفي هذا الصدد أكد المكلف بالمخطط على ضرورة رفع الرسوم على التبغ التي لا تتجاوز 30 بالمائة بموجب قانون المالية 2017، علما أن الاتفاقية الدولية لمكافحة التبغ التي وقعتها الجزائر، تنص على رسم ب 80 بالمائة على هذه المادة. كما دعا إلى رفع الرسوم المفروضة على المشروبات الكحولية والهاتف النقال، اللذين يتسببان في العديد من الأحيان في الإصابة بالسرطان، وهو ما أكدته مجددا الأبحاث العلمية الحديثة. كما استغرب زيتوني صمت السلطات وأصحاب القرار أمام ما أسماه بالعنصر القاتل المتمثل في التبغ، والعمل الترويجي الذي يرافق تسويقه رغم منع القانون لأي إشهار يخص مواد التبغ، وعلى الخصوص السجائر، وهي التي تكلف الدولة أموالا خيالية لعلاج المرضى، الذين هم ضحايا التدخين واستهلاك مختلف أنواع هذه السموم. خبراء يعكفون على تحضير خريطة وبائية للسرطان كشف البروفيسور زيتوني عن تنصيب خلية تتكون من خبراء أوكلت لهم طبقا لمحاور المخطط الوطني لمكافحة السرطان، بوضع خريطة وطنية وبائية خاصة بالسرطان، ستسمح على مدى السنوات المقبلة بجمع كل المعلومات حول الإصابات بهذا الداء الخبيث في كل منطقة مع تحديد خصوصية كل منها. وأوضح البروفيسور في هذا السياق أن المؤشرات الأولى ولو أنها غير دقيقة، تبين أن بعض المناطق تستفحل فيها الإصابة بالسرطان، مثل منطقة الجنوب التي كانت تعرضت لكميات هائلة من الإشعاعات النووية أثناء الحقبة الاستعمارية، على غرار منطقة رقان التي شهدت تفجيرات نووية ومنطقة الغرب، التي لوحظ بها ارتفاع حالات سرطان الغدة الدرقية والحنجرة. وبمقتضى ما سيستنتجه الخبراء خلال عملهم على الخريطة سيتم محاصرة الوضع وتوجيه العلاج اللائق بشكل أدق، وهو ما يهدف إليه أيضا المخطط الوطني للسرطان، حسب المكلف بمتابعته البروفيسور زيتوني، الذي كشف أن للجزائر حاليا 03 سجلات للسرطان لكل من الجزائر العاصمة ووهران وسطيف، معترف بها من طرف المركز الدولي للبحث في الأورام السرطانية، بالإضافة إلى 14 سجلا في انتظار تشكيل شبكة وطنية تضم كل السجلات بعدد ولايات الوطن.