أطلقت وزارة التجارة أول أمس، بالجزائر العاصمة، دراسة حول الاقتصاد الموازي وذلك بالتعاون مع مركز البحث في الاقتصاد التطبيقي للتنمية بدعم من البرنامج الإنمائي التابع للأمم المتحدة. وستسمح هذه الدراسة التي تحمل عنوان «الاقتصاد الموازي: التصورات الصيغ العملية والتأثيرات» بالتعرف أكثر على الاقتصاد الموازي بكل أبعاده (المالية والإنتاج والتسويق والتشغيل..) وحصره وتحديد حجم تأثيراته على الاقتصاد الوطني، بهدف إعداد إستراتيجية ناجعة لمحاربة هذه الظاهرة، حسبما تم توضيحه خلال ورشة خصصت للإعلان عن إطلاق عن هذه الدراسة. وأكد وزير السكن والعمران والمدينة ووزير التجارة بالنيابة، عبد المجيد تبون، في كلمة قرأها نيابة عنه المدير العام لضبط وتنظيم النشاطات التجارية بوزارة التجارة، عبد العزيز آيت عبد الرحمان، أن هذه الدراسة هي بداية لتفكير جدي وعميق حول إشكالية الاقتصاد الموازي الذي أخذ أبعادا خطيرة في المحيط الاقتصادي الوطني. وأضاف أن الاقتصاد الموازي يظل عائقا كبيرا يحول دون تطور الإنتاج الوطني في مسار تنويع الاقتصاد الذي تحرص الحكومة على تفعيله باعتباره ركيزة أساسية لتحقيق التنمية في البلاد. وقال الوزير إن الإجراءات المتخذة لمواجهة ظاهرة الاقتصاد الموازي ما تزال «غير كافية»، لهذا تبنّت الوزارة الوصية مقاربة تشاركية شاملة وذلك بهدف توسيع وتعميق النقاش حول هذه الإشكالية وبالتالي إيجاد حلول عملياتية لمواجهة الظاهرة. وسيتم إطلاق هذه الدراسية على مرحلتين الأولى تتضمن إنجاز تحقيق في ولاية تلمسان التي تم انتقاؤها لتكون ولاية نموذجية وذلك خلال السنة الجارية 2017، حيث سيضمن مركز البحث في الاقتصاد التطبيقي للتنمية إنجاز وتمويل هذا التحقيق. أما المرحلة الثانية فتتضمن إنجاز تحقيق وطني خلال سنة 2018 حيث سيكون التمويل والدراسات على عاتق البرنامج الإنمائي التابع للأمم المتحدة. في هذا الصدد، أوضح مدير المشروع والباحث في مركز البحث منير لعساسي، أن هذه الدراسة تتضمن إنجاز تحليل دقيق للاقتصاد الموازي وسترتكز حول تحقيقات ميدانية. وحسب نفس المسؤول فإن يجب في البداية تقدير حجم هذا القطاع والإحاطة بكل جوانبه وذلك باستقاء المعطيات الضرورية التي تمكن من تحليل ظاهرة الاقتصاد الموازي وبالتالي تفعيل السياسيات المتخذة لمحاربته. وتهدف الدراسة أيضا إلى تحديد الخصائص البارزة في الاقتصاد الموازي النشط وفروعه و ذلك بهدف تسخير الوسائل اللازمة لضمان تفعيل إستراتيجية محاربة الاقتصاد الموازي عمليا. كما ستسمح بتحليل حركية الناشطين غير الرسميين وتشخيصها واقتراح توصيات من شأنها إرشاد السلطات في اتخاذ القرارات. ويأتي اختيار ولاية تلمسان -حسبه- لطابعها الحدودي الذي يسمح ببناء وفحص الأدوات الإحصائية قصد قياس حجم السوق الموازية وفهم طريقة سيرها. وستمكن هذه المرحلة الوسيطة من فهم جميع الجوانب المتعلقة بالسوق غير الرسمية في ولاية حدودية سواء تعلق الأمر بالتمويل أو الإنتاج أوالتوزيع. كما يتمثل الهدف في تعلّم كيفية العمل مع هيئات مختلفة وتشكيل فريق للبحث حول السوق غير الرسمية مكون من جامعيين وشركاء اقتصاديين وممثلين عن مختلف الهيئات ذات الصلة بهذا المجال. أما بالنسبة للمرحلة الثانية فتهدف إلى توسيع التحقيق إلى باقي ولايات الوطن. وسيتم إشراك عدة خبراء لإنجاز هذا التحقيق وكذا عدة هيئات (وزارات المالية والفلاحة والصناعة والعمل والمركز الوطني للإحصائيات والمركز الوطني للسجل التجاري....). وأشاد المنسق المقيم لبرنامج الأممالمتحدة للتنمية بالجزائر السيد إيريك اوفرفيست، بهذه العملية معربا عن استعداد هذه الهيئة الأممية لمد الجزائر بالوسائل المالية والخبرة اللازمة من أجل دراسة السوق غير الرسمية ومواجهتها بشكل أفضل. وحسب الأرقام التي قدمها المدير الفرعي للإحصائيات والمعلومة الاقتصادية لدى وزارة التجارة عبد الرحمان سعدي، فإن الاقتصاد غير الشرعي بالجزائر يمثل 45 بالمائة من الناتج الوطني الخام سنة 2012، وذلك بالرجوع إلى تحقيق قام به الديوان الوطني للإحصائيات. وحسب نفس التحقيق فإن السوق الموازية كانت سنة 2001 تشغل 6ر1 مليون شخص قبل أن يرتفع هذا الرقم إلى 9ر3 مليون شخص سنة 2012 (أي 6ر45 بالمائة من اليد العاملة الاجمالية خارج قطاع الفلاحة)، موزعين على قطاعات التجارة والخدمات (3ر45 بالمائة) والبناء والأشغال العمومية (37 بالمائة) والنشاطات الصناعية (7ر17 بالمائة). وللتصدي لهذه الظاهرة عمدت الدولة إلى تطبيق عدة إجراءات منها تفكيك الأسواق الموازية وتعزيز المنشآت التجارية وتبسيط شروط الحصول على السجل التجاري. وحسب السيد سعدي، فإن عمليات مكافحة الأسواق الموازية سمحت -إلى غاية نهاية 2016- بالقضاء على 1.035 سوق من بين 1.412 سوق موازية تم إحصاؤها (73 بالمائة) لكن 216 منها ظهرت من جديد بعد إزالتها. كما تم إعادة توجيه 21.239 متدخلا في الأسواق المزالة من بين 49.836 متدخلا تم إحصاؤهم (42 بالمائة).